القائمة الرئيسية

الصفحات

الفخ الأبيض "الجزء الثاني"

 كتبت: فاطمة عبد الله

الفخ الأبيض "الجزء الثاني"

اجتمعنا بعد العصر على طاولة الطعام نتناول الغداء والصمت يحتضننا، كان أبي قد عاد وأنا أتحدث مع أمي ولكنه آثر الصمت وقتها ودلف إلى غرفته في هدوء، وعندما عادت نور من الخارج أتت لتحدثني ولكني تركتها وخرجت من الغرفة.


شردت في هذا اليوم، قبل يومين عندما أتى أحمد لبيت جارتنا ليتقدم لابنتها، حينها أصرت أمي أن أذهب إليهم لأبارك لهم، وأمام إصرارها لم أجد سوى الموافقة، رغم امتعاضي الشديد منهم وبغضي لهم، وعندما ذهبت كان عندهم ورآني فذهب خلفي ليأخذ رقم أبي، بعدما حاول أن يُحدثني لنطيل الوقوف سويًا ولكنني رفضت، فأخذ رقم أبي وذهبت.


علمت بعدها أنه رفض ابنة جارتنا، وهاتف أبي بعدها وحضر إلينا في اليوم التالي، رغم إصراري الشديد على إتمام هذه الزيجة إلا أن شيء غير موافق بداخلي؛ لأن هذا الرجل ترك الفتاة لأنه رآني أجمل منها، فهل إن رأى فتاة أجمل مني سيتركني؟.


نفضت تلك الأفكار عن رأسي وطمأنت نفسي، المهم الآن أن تتم تلك الزيجة بأي شكل.


رفعت رأسي عن طبقي فوجدت أبي شارد في طبقه وأختي تنظر إليّ بحزن وأمي تتابع الموقف بتوتر، وأنا لم أستطِع الصمت أكثر من هذا فتركت الملعقة من يدي وقلت بنبرة جاهدت في جعلها هادئة ولكنها خرجت حادة غاضبة:


_ هل لي أن أعرف لما لم توافق على أحمد يا أبي؟ ماذا يعيبه؟ الرجل يعمل في بنك ولديه شقة خاصة به.


انتبه أبي لي وتنهد قبل أن يجيبني بحنان لمسته في نبرته الهادئة:


_ ابنتي هذا ليس كل شيء، الزواج أكبر من الشقة والمهر والبنك، أكبر بكثير، أحمد شاب غني ولكنه يفتقر إلى الكثير يا حبيبتي، لن أكون مرتاح البال إن سلمتك له.


تنغصت ملامحي في غضب وهتفت وقد علا صوتي كثيرًا:

_ وإلا ما يفتقر بنظرك؟، ماذا تريد أكثر من هذا؟.


تدخلت أمي لتنقذ الموقف قبل أن يغضب أبي من صوتي المرتفع:


_ اهدئي يا نيرة، الأمور لا تحل هكذا.


أشار أبي إليّ بيده وقال:


_ ها هي لم تتزوجه بعد وأصبح صوتها يعلو صوتي، ثم نهض من مكانه قائلًا:


_ الأمر منتهي، لن يتم هذا الزواج، وعندما تحترمي وجودي سأجلس معكِ لنتكلم كالبشر لا الحيوانات يا نيرة.


تبعته أمي لتطيب خاطره وقبل أن تتحدث نور أشرت لها باتهام وقلت بصراخ:


_ أنتِ السبب، أنت من جعلته يرفض، غيرتك تلك ليس لي شأن بها، بالتأكيد تغارين لأنني الأصغر وسأتزوج قبلك.


 ثم توحشت ملامحي أكثر وقلت:


_ وربما تريديه لك وتفعلين كل هذا لكي تنالي وُد أبي.


خرج أبي من غرفته بوجه منفعل وقد ذهب هدوئه أدراج الرياح ،قال لي:


_ أياكي أن تحدثي أختك بتلك الطريقة، لقد فقدت بصيرتك وأصبحت تتخبطين بجهل، هذا الأحمد كيف ترينه زوج، إنه لا يصلي ويبدل الفتيات كل يوم كإحدى ساعاته، ماذا تنتظرين من رجل كهذا؟!.


انفعلت أنا أيضًا وحركت يدي بعشوائية:


_ وبما سينفعني إن كان يصلي أم لا، وتلك الفتيات لن يراهن بعد الزواج.


اتسعت عينيّ أبي وزاد احمرارهما وقال وهو يبعد عينه عني:


_ اغربي عن وجهي قبل أن أفعل ما لا يحمد عقباه.


دلفت إلى غرفتي وصفعت الباب خلفي وداخلي يحترق من الغضب، سمعته يقول لأمي والدهشة تعلو نبرته:


_ ماذا حدث لتلك الفتاة ط، سأفقد عقلي من أفعالها.


هدّأته أمي ولا أعلم لم لم تقف بجانبي، أليس من المفترض أن تكون بصفي، ابتسمت بسخرية حين سمعته يعتذر لنور عن كلامي معها، صحيح عليه أن يطيب خاطر حضرة الملاك الذي لا يخطئ.


يتبع...


الفخ الأبيض "الجزء الأول"


الفخ الأبيض "الجزء الثالث" 


الفخ الأبيض "الجزء الرابع"


تعليقات