كتبت: مريم هيثم
- يُقال عن السكوت "الصمت" أنه علامة الرضا ومعروف قديمًا أنه دلالة على الحكمة "السكوت من ذهب"، لكن الآن أصبح هناك دلائل ومعانِ وأسباب مختلفة للصمت، منها الخذلان، القلق، الصدمة، التعب، الانسحاب ... فهو لا يدل على الرضا فقط، لكن الكثير منّا يستخدمه أيضًا كطريقة للرفض وعدم قبول شيء ما بطريقة غير مباشرة.
- ظهر مؤخرًا تعبير أو مفهوم الصمت العِقابي وهو ليس الذي يستخدمه الآباء والأمهات كنوع من أنواع العقاب لأبناءهم؛ لأن ذلك يكون غرضه تأديبي ولفترة محددة، أما المقصود هو (الصمت العقابي في العلاقات) هو من أكثر الأساليب التي يستخدمها الأشخاص غير المتزنين وخاصة النرجسيين؛ لأنه يعتبر من أشهر طرق التلاعب النفسي والابتزاز العاطفي.
مفهوم الصمت العقابي: هو رفض كامل للتحدث مع الطرف الآخر كنوع من أنواع العقاب للسيطرة على العلاقة وإشعاره بالتقصير وجلد الذات وهو سلوك غير صحي تمامًا ويعتبر من أسوأ الأساليب التي يستخدمها شخص ضد شخص آخر للتلاعب بمشاعره.
الشخص النرجسي والصمت العقابي
تستخدم الشخصية النرجسية على وجه الخصوص هذا الأسلوب كنوع من أنواع التعنيف والإيذاء النفسي لتأنيب الطرف الآخر وإلقاء اللوم عليه والتلاعب بمشاعره وما يعرف بـ"قلب الترابيزة" ليبعد عن نفسه الخطأ ويسقطه على غيره. العلاقة مع هذه الشخصية تكون صعبة للغاية؛ لأنه يصعب فهمه ويصعب إرضاءه.
مدة الصمت العقابي "متى ينتهي؟"
- الصمت العقابي يكون عادة لفترة طويلة وينتهي عندما يقرر الشخص ذلك، أي عند تحقيق مراده من العقاب.
أسباب استخدام أسلوب الصمت العقابي
1- انزعاج الشخص وعدم قدرته على التعبير عن مشاعره.
2- تجنب المواجهة والهروب منها عند حدوث خلاف.
3- معاقبة الشخص الآخر والرغبة في التحكم والسيطرة عليه.
4- إشعار الغير بالتقصير والرغبة في التودد له دائمًا.
5- التكبُر "الغرور" ورفض الاعتراف بالخطأ والاعتذار.
طُرُق استخدام الصمت العقابي
1- يكون لفترة زمنية طويلة.
2- استخدامه للضغط على الطرف الآخر وإزعاجه.
3- استخدامه لجعل الطرف الآخر يشعر بالذنب والتقصير.
4- يتحدث مع الجميع إلا الذي حدَث معه الخلاف.
5- لا يفكر في مشاعر الطرف الآخر ولا ينهيها إلا عندما يقرر ذلك بنفسه.
طرق فعّالة للتعامل مع الصمت العقابي
1- ابق هادئًا: هذه أول خطوة هامة للتعامل مع هذا الأسلوب، على الرغم من أنه سلوك مزعج ومثير للغضب؛ إلا أن الشعور بالضيق واستقباله بالعصبية لن يؤدي إلا لإشعال الغضب أكثر، حاول أن تكون مرنًا وتحكم في تنفسك ولا تسمح أن تكون مراقبًا للموقف وتعطي فرصة للطرف الآخر أن يعاقبك ويراك منزعجًا.
2- التجاهل إذا لزم الأمر: أحيانًا ينتظرون منك الاستسلام لمطالبهم وشعورهم بالانتصار عندما يرونك في حالة سيئة، لكن في هذه اللحظة عليك أن تمارس حياتك بشكل طبيعي وتتجنب وتتجاهل المشاحنات لأنهم يريدون تشتيت انتباهك وابتزازك.
3- تجنب الاستجابة العدوانية: نعلم أنه اسلوب مزعج وتلاعب عدواني نفسي، لكن إذا لم تلزم الهدوء والتراجع فإن التصرف بعدوانية يؤدي لتفاقم الأمور وضياع حقك، فهو يدرك ماذا يفعل تجاهك وأي رد فعل عنيف منك سيستغله ضدك.
4- استخدم أسلوب "أنا": عبّر عن ما يزعجك مباشرةً (أنا أشعر بالإحباط والأذى لأنك لا تتحدث معي وأود أن أجد حلًا لهذه المشكلة) فبدلًا من إلقاء اللوم وتوجيه الانتقادات قُم بالتعبير عن مشاعرك وما تريد بطرق مُجدِية.
5- رسم حدود حازمة: أنت تُدرِك ما هو مقبول وما هو غير مقبول بالنسبة لك، حاوط نفسك بما تراه ملائم لاحترامك لذاتك دون أن تخضع للضغط النفسي ولا تقبل تجاوز الحدود من أي شخص؛ خاصةً النرجسي لأنه لن يجعل لك قيمة إذا تنازلت وأظهرت ضعفك واستسلامك أمامه.
6- تقديم حلول مختلفة: اختر الوقت المناسب وقُم بعمل مقابلة وجهًا لوجه وكل منكم يعبر عن ما يريد بوضوح وسلاسة وهدوء، وضع خطة لطريقة الحديث عند الخلاف والغضب، تبادل الأدوار وتقدير كل منكم لظروف الآخر، استشارة أخصائي علاقات يساعدكم في التواصل بطريقة أفضل.
(الصمت العقابي من أكثر الأساليب المؤذية نفسيًا، عبروا عن مشاعركم وما يزعجكم بشكل واضح حتى إذا لم تستطيعوا أن تسيطروا على غضبكم فهذا من شأنه أن يفرغ الشحنة السلبية المدفونة داخل قلوبكم، ناقشوا وعاتبوا فلا أحد يرغب في عيش حياة مؤذية صامتة تنتهي ببرود مشاعر وإحباط وخذلان).