القائمة الرئيسية

الصفحات

قصر صاحب الضياء الجزء الثاني..."الشهوة"

 كتب: أحمد إبراهيم عز

قصر صاحب الضياء الجزء الثاني..."الشهوة"

في أحد ضواحي القاهرة ومن العدم، ظهر كائن بشع الملامح، ولكن في غمضة عين اتخذ هذا الكائن شكل امرأة غاية في الجمال، فاتنة، إذا جاز التعبير قد تبدو أنها الفتنة بعينها، ترتدي ملابس تكاد لا تستر شيء من جسدها وبابتسامة ارتسمت على شفتيها بدأت في رحلتها على الأرض وهي تقول: فلنبدأ اللعب يا جنس الطريد من النعيم. 


في مباحث القاهرة يجلس الضابط عبد القادر على مكتبه، أمامه فنجان القهوة وقدّاحة سوداء اللون، يأخد نفس تلو الآخر من سيجارته التي تطلب من يغيثها من بين شفتيه.


يطرق الباب أحدهم، فيقول عبد القادر: ادخل.


 يدخل مكتب عبد القادر شاب في أواخر العشرينات يرتدي ملابس رسمية تناسب عمله ومركزه،.


يقول عبد القادر: خير يا وليد فيه جديد؟.


ليرد: لا يا باشا للأسف مفيش جديد والطب الشرعي مش قادر يعرف مين ده، ولا أي حاجة، كإن ملامحه كلها اتمحت، حتى البصمات ملهاش وجود، كإن كل ده حصل على إيد واحد دارس تشريح عشان يقدر يعمل كل ده. 


عبد القادر: يعني إيه يا وليد هنقفل القضية دي ضد مجهول؟ 


-: شكلها كدا يا أفندم، ملهاش حل غير كدا، احنا دورنا كتير حتى مفيش بلاغات عن اختفاء حد.


_: تمام يا وليد، بس برضه خلي التحريات شغالة.


-: تمام يا باشا. 


_: قولي بقى أخبارك إيه يا وليد؟


-: تمام والله يا باشا.


_: ما لازم يا ابني تكون تمام، انت كل يوم مع واحدة شكل.


يضحك يرد وليد: يا باشا يعني هيبقى ضغط من كله، سيبني يا باشا بفك عن نفسي حبة.


 يضحك يجيب عبد القادر: أنت مش هتتعدل غير لما تقع في واحدة تعلمك إن الله حق.


 -: ياريت يا باشا...استأذنك دلوقت عشان عندي حاجات أخلصها. 


_: تمام يا وليد اتفضل. 


يبستم عبد القادر فهو يرى في وليد ابنه أو أخاه الصغير، لم تكن معاملة وليد وعبد القادر معاملة رئيس ومرؤوس، بل علاقة صداقة قائمة على الاحترام والتقدير المتبادل. 


مع عدد لا حصر له من الأعيّن، ظهرت المرأة اللعوب مرة أخرى، وعدد العيون التي تنظر إليها مثل قطيع من الذئاب الذي يراقب فريسته بتمعن قبل الانقضاض عليها، أمّا عنها، فهي لا تبالي بل تستمر في إغرائهم، وبداخلها شعور بالزهو.


يظهر وليد وهو يجهز نفسه لجولة جديدة من جولات الصيد الخاصة به، يرتدي ملابس تدل على مركزه ومكانته وتفوح منه رائحة ذكية، يركب سيارته الفاخرة ويبدأ الرحلة. 


على غير العادة، شعر وليد أن اليوم ليس يوم سعده، فلم يجد ضالته بعد، وكاد أن ينهي جولته حتى وجد فتاة أمامه نجحت فى جذب وليد وشهواته.


بدأ وليد بالشعور أن الحظ مازال حليفه وبدأ في رمي شباكه حولها.


-: إيه يا بطل؟، مش محتاجة توصيلة؟


 بنظرات تملؤها الجرأة والفُجر قالت: وماله.


ركبت السيارة.


سألها وليد: بتاخدي كام في الليلة؟


 أجابت: لا أنا بعمل كدا لمزاجي وبمزاجي.


ضحك وليد وقال: واضح إنها ليلة عنب. 


في ذلك الوقت كان عبد القادر يحاول الوصول إلى وليد الذي لم يجب عن أيً من مكالمته، فهو الآن مشغول بما هو أهم من عبد القادر من وجهة نظره.


في منزل وليد بدأت أغرب ليلة في حياته، أو للدقة آخر ليلة لوليد على كوكبنا. 


بدأ وليد في مداعبة فريسته وهي تستجيب وتزيد من أفعالها الشهوانية التي تثير وليد أكثر.


 حيث بدأت في نزع ثيابها قطعة تلوّ أخرى أمامه، بدأت بفعل ما تجيده، حتى أصبح وليد في قمة شهوته، وحاول الانقضاض عليها...


لكن منعته قائلة: لسه اتقل.


أجاب: هو فيه اتقل من كدا؟


أجابته: لسه يا سليل آدم.


ضحك وليد قائلًا: سليل آدم، أنتي طالعة من فيلم أبيض وأسود ليه كدا؟


كأنها لم تسمع، بدأت في مداعبة جسدها أكثر، كل جزء في جسدها داعبته، حتى أصبح وليد كالمسحور.


اقتربت منه بهدوء وبدأت في تقبيل شفتيه وبدأ كل شيء بالإظلام في عين وليد.


مع شعور شديد بالألم بدأ وليد بالاستفاقة وهو يصرخ من الألم، ويفتح عينيه رويدًا رويدًا، ليرى امرأة تجلس أمامه وفي يدها شيء ما تلعقه بابتسامة ساخرة.


يجد وليد نفسه مقيّد، فيسأل: أنتي عملتي إيه؟ أنا مربوط كدا ليه؟! وإيه إللي في إيديك ده؟


ضحكت وقالت: شوف نفسك لو فيه حاجة ناقصة منك.


بدأ وليد في تفحص جسده حتى وجد ما صدمه، فبنظرة وجد أن نصف جسده من السفلي غير موجود. 


بسخرية قالت: آه هو إللي في إيدي ده، صدمة اجتاحت وليد مع وابل من السباب والشتائم لها، وهي تزداد في الضحك.


 سألها: أنتي مين؟ وعملتي ليه كدا؟


أجابت: أنا مين؟ هقولك، أنا جزء منك، أنا إللي هتنهي حياتك، أنا الشهوة أنا بنت حامل الضياء، أنا إللي جريت وراها، ونهت حياتك.


بدأ شكلها في التغيّر، وجه بشع الملامح، طويل القامة يملؤه السواد، وبدأت في فتح فمها، أنا خطيئة الشهوة، بدأ وجه وليد في الشحوب كلما اقتربت منه حتى أصبحت أمام وجهه...


 وقالت: الآن أصبحت روحك من خدمي في الجحيم، ثم انقضت عليه مع ارتفاع صرخات وليد.



يقف عبد القادر في منزل وليد وعلى وجهه كل علامات الاشمئزاز والخوف والغضب، الاشمزاز لوجود جثة وليد ممزقة، الخوف من المنظر، والغضب لمقتل صديقه.


 يقول عبد القادر: اقلبوا الدنيا على ابن الكلب إللي عمل كدا.


 بجوار الفراش يجد عبد القادر آخر شيء تمنى أن يراه، حيث وجد عضو صديقه الذكري ومن تحته كارت مرسوم عليه امرأة ذات لسان طويل يلتف حولها العديد من الناس وفي الوجه الآخر للكارت يوجد رقم سبعة.


قصر صاحب الضياء "الجزء الأول"

تعليقات