القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة: ورد وشوك "الجزء الأول"

 كتب: شريف عثمان

قصة: ورد وشوك "الجزء الأول"

زينات


لقد كانت تحسب تحت القبة شيخ، حينما تزوجت من عم صابر صاحب الفرن ظنت أن أشواك الحاياة ستذبل وستسنح لها الدنيا بقطف الورود من بساتينها.


صابر رجل كهل حقًا، لكنه ميسور الحال وله وقاره واحترامه؛ لذلك ظفر هو بزينات على حساب حواكة البلطجي أو كبير المنطقة، كما يسمي نفسه.


فقد تقدم لها الاثنان في يومين متتاليين، وقررت هي في الثالث الموافقة على الحاج صابر ليكون لها زوجًا وأبًا حنونًا عوضًا عن الحقيقي الذي لم يكن حنونًا قط ولم يكن أبًا من الأساس.


عانت زينات الأمَرين في صغرها من أبيها حتى مات في السجن محكومًا عليه بالمؤبد في قضية قتل زوجته "أم زينات"، لذلك كان صابر عوضًا لما سلف من المعاناة حقًا، كما بدا للمسكينة، حتى وإن كان أرمل ذو ولدين لئيمين وأخ ثعبان وأخت عقربة.


المشاكل لم تصبر لما بعد أول أسبوع من الزواج، غضب أبناء صابر وأخوته من تصرفه؛ فهددوه بأن يطلق زينات أو يرفعون عليه قضية حجر ويسلبونه أملاكه، لم يستجب لهم صابر، فشرع الأبناء والأخوة في القضية بالفعل.


وفي ثاني أسبوع، نزلت زينات السوق لتشتري لوازم البيت الذي ربما سينهار بقضية الحجر، وفي عودتها مرت من أمام القهوة المواجهة للفرن، صابر في الفرن وسط الدفاتر والدقيق لكنه لمح زينات وقت عودتها فأشار إليها، وحواكة من على القهوة لمحها أيضًا فقام وتتبعها وظل يناديها بتشبيهات وألقاب تحمل غزلًا ورغبة عارمة فيها، فاستدارت له وألقته بما لذ وطاب من الشتائم والسباب، حتى تجمهر الجمع وخرج صابر من الفرن ساحبًا زوجته متجهًا إلى بيته في موقف تعجب منه الجميع على رأسهم زينات نفسها التي سألته في تعجب وغضب كيف لا ينزل بشومة على رأس حواكة أو يغرس مطواة في جنبه.


كان رد صابر صريحًا صادمًا يتلخص في أنه لن يبعثر كرامته في شجار يعرف أنه سيكون الخاسر فيه لأجل "حُرمة" ، ثم نزل وتركها تندب حظها وتلعن نفسها وصابر وحواكة وأبيها والجميع ... لقد كانت تحسب تحت القبة شيخ.


_______________________


فتحي


لطالما أحب المعلم زغلول أبنه البكر "صابر" أكثر من الأوسط "فتحي"، و "عزيزة" البنت، فكانت لها وضع خاص، لكن صابر، صابر يترك التعليم من الإبتدائية وفتحي يكمل تعليمه بتفوق ودرجات عالية، لكن صابر هو من يقال عليه الأذكى والأشبه بأبيه، صابر يدير الفرن من الصغر، وحينما يطلب فتحي المساعدة حتى في العمل يقال له أن هذا ليس بشأنه، صابر يحضر افتتاحات المحلات الجديدة ويشارك في اختيار أماكن الأفرع وفتحي ينوبه علبة حلويات شرقية وربما كيلو بسبوسة بالقشطة ليلة الافتتاح.


حينما مات الحاج زغلول ظفر صابر بالفرن الرئيسية والمخزن الكبير وترك لفتحي فرعان ولعزيزة فرع، حتى يقال أن صابر هو ابن المعلم زغلول بحق وهو من وقف في الفرن من بعده وسيفتتح أفرع جديدة مثله، لكن الشائب الخائب لم يستطع حتى أفتتاح عربة خضار جديدة، وظلت الفرن القديمة تتهالك تحت إدارته، ولحماقته لم يعلم أي من أبنائه أصول الصنعة، فلم يخرج منهم من يساعده في الإدارة، وفوق كل هذا بعد وفاة زوجته وأم أولاده "خديجة" تزوج فتاة يقولون أن "مشيها بطال" وأنها كانت خليلة بلطجي المنطقة.


أما فتحي، فاشترى محل عزيزة منها وغير نشاط المحلات الثلاث وحولهم لمعارض سيارات فخمة، ومازال يرى أباه في أحلامه يسلم على صابر مبتسمًا، ثم يعبس في وجهه و يرفض السلام عليه.


فتحي لم يتزوج، لكنه أحب مرة، كانت تلك المرة متمثلة في "خديجة" ابنة صديق أبيه المعلم بكر، طلبها من أبيه لكنه رفض وبعدها أخذ صابر من يده وزوجه إياها، معلنًا بكل صراحة أنه أحب صابر أكثر منه، لكن فتحي مثلما لم يستطع نسيان خديجة، لم يستطع كره أبيه، لذلك أبقى على اسم زغلول موضوعًا على معارض السيارات، وحارب لأجل نزع الفرن و المخزن من صابر الجاهل كي لا يضيعهم.


في الليلة التي تلت زيجة صابر من زينات وجد فتحي فرصة الظفر بالفرن والمخزن تدق بابه، سمير وصبري أبناء صابر وعزيزة أخته أتوا معهم قرار برفع قضية حجر على صابر قبل أن ينجب صبي من زينات تلك يغير كل الحسابات ويضع العقدة في المنشار لهم جميعًا.


سمير وصبري لا يريدون أخ ثالث يشاركهم ميراثهم، يكفي أن عزيزة وفتحي سيفعلون، والثلاثة تحمسوا أكثر للقضية حينما سمعوا عرض رابعهم فتحي، الذي عرض أن يتكفل بمصاريف القضية شرط أن يشتري من كل واحد نصيبه في التركة بثمن مجزي جدًا إذا ربحوها، وحدث أن اتفق الأربعة وشرعوا في رفع القضية صباح اليوم التالي.


لطالما أحب المعلم زغلول أبنه البكر صابر أكثر من الأوسط فتحي، لكن فتحي أحب أباه أكثر من صابر.


يتبع....


قصة: ورد وشوك "الجزء الثاني"

تعليقات