القائمة الرئيسية

الصفحات

علي بيك الكبير...مملوك قتلته الخيانة "الجزء الثاني"

 كتب: محمد نجيب

علي بيك الكبير...مملوك قتلته الخيانة "الجزء الثاني"

بنجاح علي بيك الكبير في ترسيخ حكمه في الدولة المصرية والانفراد بالحكم وظهور نجم بعض رجاله، ومنهم المملوك المفضل له  محمد بيك أبو الدهب، استغل علي بيك هزائم العثمانيين أمام الروس واستصدر أمر بعزل الوالي العثماني وعين   في مكانه مملوكه، محمد بيك أبو الدهب بدلا منه في 1768.


 في أثناء ذلك نجح في أن يسيطر على أحوال مصر، في الوجهين البحري والقبلي، واستطاع أن يقضي على الفتن هناك، ومنهم شيخ العرب همام زعيم الهوارة الذي كان يلجأ إليه الهاربين من علي بيك ويمدهم بالمال والسلاح، وما لبث أن نجح قائده محمد بيك أبو الدهب في القضاء عليه باستماله الشيخ إسماعيل الهواري وهروب شيخ العرب همام الذي ما لبث أن توفيّ حزنًا.

 

لم يكتفِ علي بك الكبير بأن بسط نفوذه وسلطانه على مصر، فبعُد ببصره إلى خارجها وتطلع إلى ضم الحجاز، وانتهز علي بك صراع الشريفين عبد الله بن سعيد وأحمد بن سعيد الهاشميين  على تولي منصب الإمارة في مكة، فتدخل لصالح الشريف عبد الله، وأرسل حملة بقيادة محمد بك أبو الدهب، والذي كان بمثابة ذراعه اليمنى والقائد الأعلى لقوّاته، ونجحت الحملة في مهمتها، ونودي بعلي بك في الحرمين الشريفين سلطانًا على مصر والحجاز.


شجع نجاح حملة الحجاز علي بك الكبير على أن يتطلع إلى إرسال حملة إلى بلاد الشام منتهزًا سوء أحوالها وتعدد طوائفها، واستنجاد صديقه والي عكا ظاهر العمر به الذي نجح في أن يمد نفوذه في جنوب سوريا، وكان هو الآخر يسعى إلى الاستقلال عن الدولة العثمانية.


أثناء إعداد الحملة، أعلن علي بك أنّ السبب من وراء إرسالها هو قيام عثمان باشا الجورجي، والي دمشق العثماني، بإيواء خصوم علي بك من المماليك وإعدادهم للإغارة على مصر، وأنّ الجورجي والٍ ظالم ومتجبّر، يحكم ولاية دمشق بالجور والبطش، وأنه قادم لإنجاد الأهالي وتخليصهم من حكمه.


انطلقت الحملة بقيادة أبو الدهب في مايو 1771م، وتمكّنت فور انطلاقها من الاستيلاء على غزّة والرملة، ومن ثمّ توجهت نحو القدس التي قام حاكمها وأعيانها بالترحيب بالحملة المصرية والتسليم لها. 


من ثمّ اتحدت قوّات أبو الدهب مع قوات ظاهر العمر، ووقعت المواجهة الكبرى مع القوّات العثمانية، بقيادة عثمان باشا الجورجي، شمال صفد، في الثالث من يونيو عام 1771م، وكانت النتيجة هزيمة العثماني  وتقدّم أبو الدهب حتى وصوله دمشق، ودخل أبواب دمشق معلنًا السيطرة على المدينة وإخضاعها لحكم علي بك الكبير. وكانت السيطرة على دمشق مفاجأة كبرى هزّت أركان الدولة العثمانية. 


أثناء ما كانت القاهرة تتزين بانتصارات علي بيك الكبير جاءت المفاجأة مع قرار أبو الدهب مغادرة دمشق بعد أقل من أسبوعين على دخولها، وتوجهه بقوّاته عائدًا إلى مصر، ولم يُعرف السبب في حينه لخطوة أبو الدهب المفاجئة، لكنّ الراجح أنه قد أعاد حساباته، وأنه تمّت استمالته من قبل العثمانيين، واعدين إياه بمنحه حكم مصر إن تمكن من القضاء على علي بك الكبير.


عاد أبو الدهب بجميع القوّات المصرية، ووقعت بينه وبين علي بك معركة في عام 1772م، كانت الغلبة فيها لأبو الدهب، ومن ثمّ بدأ بحشد المماليك ضد علي بك، فما كان من علي بك إلا أن فرّ باتجاه الشام، سعيًا منه إلى الالتجاء لحليفه ظاهر العمر ومعه ثروته الضخمة و7 آلاف من فرسانه ومشاته، وبدأ في تنظيم قواته والاتصال بقائد الأسطول الروسي الذي راح يمنيه بقرب وصول المساعدات، لكن هذه الوعود تمخضت عن ثلاثة مدافع وبضعة ضباط.


تعجل علي بك العودة إلى مصر على غير رغبة ظاهر العمر، الذي نصحه بالتريث والتمهل، حتى إذا وصل إلى الصالحية بالشرقية، التقى بجيش أبي الدهب في 26 أبريل 1773، في معركة كان النصر فيها حليف الأخير، وأصيب علي بك في هذه المعركة بجراح، نقل على إثرها إلى القاهرة، حيث قدم له مملوكه أبو الدهب الرعاية الطبية، لكن ذلك لم يغن عن الأمر شيئًا، فمات في 8 من مايو 1773.


المصادر:


أيام المماليك 


عصر المماليك


علي بيك الكبير...مملوك قتلته الخيانة "الجزء الأول"

تعليقات