آخر الأخبار

حين يصبح المكتب بوابة للثراء: الفساد الإداري وغياب ضمير الخدمة العامة

بقلم: إيمان حاكمهم 

حين يصبح المكتب بوابة للثراء: الفساد الإداري وغياب ضمير الخدمة العامة

في قلب كل أمة تتطلع للتقدم، تقف الإدارة الحكومية كحجر الزاوية لتحقيق التنمية، وتوفير الخدمات، وبناء العدالة. لكن ماذا لو تحوّل هذا الجهاز الإداري من أداة للنهضة إلى بيئة خصبة للفساد؟


الفساد الإداري ليس مجرد رشوة تحت الطاولة، بل هو شبكة معقدة من السلوكيات المدمّرة التي تقتل الكفاءة وتخنق العدالة وتؤخر عجلة النمو.


فما هو الفساد؟ ولماذا ينمو داخل مؤسسات يفترض أن تخدم الناس لا أن تسرق أحلامهم؟


ما هو الفساد الإداري؟


الفساد الإداري هو سوء استخدام السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة، سواء كانت رشوة، محسوبية، وساطة، تعطيل مصالح، أو تلاعب بالمال العام. ويتجلى هذا الفساد في:


- تعيين غير الأكفاء.


- تأخير المعاملات لأغراض شخصية.


- تسهيل الصفقات الفاسدة.


- غياب الشفافية في العقود والمناقصات.


 أسباب تفشي الفساد في الإدارة الحكومية


1. ضعف الرقابة والمحاسبة: عندما لا يُحاسَب الموظف، يصبح الفساد عادة يومية.


2. تدني الرواتب وضعف الحوافز: يدفع البعض للبحث عن دخل إضافي عبر طرق غير مشروعة.


3. الثقافة المجتمعية: في بعض البيئات، لا يُنظر للرشوة كجريمة بل كـ"حل وسط".


4. غياب الشفافية في الإجراءات: مما يُتيح التلاعب بالمعلومات والملفات.


5. استغلال النفوذ السياسي: تدخل المسؤولين في التعيينات والمشاريع العامة.


6. الروتين والبيروقراطية المفرطة: مما يخلق بيئة مثالية للابتزاز والتربح.


آثار الفساد على المجتمع والدولة


- إهدار المال العام: تضيع مليارات كانت قادرة على تحسين التعليم والصحة والبنية التحتية.


- انعدام الثقة بين المواطن والحكومة: يتولد شعور باليأس وغياب الأمل.


- إبطاء التنمية الاقتصادية: لا بيئة استثمارية في ظل الفساد.


- تشجيع الكفاءات على الهجرة: حيث يشعر المجتهد بأنه محارب لا مُكرم.


- تفاقم الفقر والبطالة: لأن المال لا يذهب لمستحقيه بل لجيوب الفاسدين.


 كيف نكافح الفساد الإداري؟


1. إصلاح الجهاز الرقابي: وتمكينه قانونيًا وماليًا لكشف الفساد وملاحقته.


2. نشر ثقافة النزاهة والشفافية: عبر الإعلام والتعليم.


3. تطبيق الحكومة الرقمية: لتقليل التعامل المباشر بين الموظف والمواطن، وبالتالي تقليل فرص الفساد.


4. تجريم المحسوبية والواسطة: ووضع قوانين واضحة وعادلة للمحاسبة.


5. تمكين المواطن من الرقابة: من خلال قنوات للإبلاغ عن الفساد تضمن الحماية والسرية.


6. القدوة من الأعلى: عندما يكون كبار المسؤولين نزيهين، يُصبح الفساد مكلفًا وصعبا.


الفساد في الإدارة الحكومية ليس مجرد خلل إداري، بل هو عدو للتنمية وعدالة الفرص. وهو كالسم، قد يبدأ خفيًا لكنه ينخر في جسد الدولة حتى يُنهكها. إن بناء مؤسسات نظيفة يتطلب إرادة سياسية، وشعبًا لا يقبل بالفساد كأمر واقع، وأجهزة رقابية لا تعرف المجاملة. فالإصلاح الحقيقي يبدأ من الداخل، من ضمير الموظف قبل القانون، ومن وعي المواطن قبل المسؤول.

العهد نيوز - al3hd news
العهد نيوز - al3hd news
تعليقات