بقلم: إيمان حاكمهم
في زمن يتسارع فيه التقدم العلمي والتكنولوجي، ما زالت المجتمعات تُواجه خطرًا قديمًا يتجدد بوجوه مختلفة: التطرف والإرهاب الفكري والديني. إنه التهديد الذي لا يُحارب بالسلاح فقط، بل بالفكر والوعي والتعليم. فعندما يتحول الفكر إلى أداة للقتل والكراهية، تصبح الحاجة مُلحة إلى التوقف والتساؤل: كيف نشأ هذا التطرف؟ وكيف نحاربه دون أن نُعمق جذوره؟
أولًا: ما هو التطرف والإرهاب الفكري والديني؟
التطرف هو التمسك بآراء ومعتقدات متشددة، ورفض كل ما يخالفها، سواء في الدين أو السياسة أو حتى أسلوب الحياة.
أما الإرهاب الفكري والديني، فهو استخدام هذه المعتقدات لتبرير العنف والقتل والتمييز، تحت ستار "الدفاع عن العقيدة" أو "تحقيق العدالة الإلهية"، وهو في حقيقته تشويه للدين وتدمير للمجتمعات.
ثانيًا: جذور التطرف وأسبابه
لا يولد الإنسان متطرفًا، بل تقوده الظروف والبيئة نحو ذلك. من أبرز الأسباب:
1. الجهل بالدين: غياب الفهم الصحيح للنصوص الدينية يفتح الباب أمام تأويلات منحرفة.
2. الفقر والبطالة: تُعدّ بيئة مثالية لتجنيد الشباب من قِبل الجماعات المتطرفة.
3. القهر السياسي والظلم الاجتماعي: يدفع الأفراد إلى تبني أفكار عنيفة كردّ فعل على الإقصاء أو التهميش.
4. وسائل التواصل الاجتماعي: أصبحت وسيلة فعّالة لنشر الفكر المتطرف، خاصة بين المراهقين.
5. التلاعب العاطفي باسم الدين: استخدام رموز دينية لإثارة مشاعر الناس وتحريكهم في اتجاهات مدمّرة.
ثالثًا: آثار التطرف على الفرد والمجتمع
انهيار التماسك الاجتماعي: يتحول المجتمع إلى طوائف متصارعة.
تشويه صورة الدين: يُستخدم الدين كغطاء للعنف، فيُساء فهمه محليًا وعالميًا.
انعدام الأمان: يتأثر الأمن والاستقرار، وتُصبح حياة الناس عرضة للخطر.
تراجع التنمية: لا يمكن لبلد أن ينهض في ظل فكر متطرف يُحارب التقدم والانفتاح.
رابعًا: كيف نواجه هذا الفكر؟
1. نشر الوعي والتعليم الديني الصحيح: يجب أن تكون هناك مؤسسات دينية وتعليمية تنشر الفهم المعتدل والوسطي للدين.
2. تمكين الشباب: بتوفير فرص عمل وتعليم جيد.
3. فتح مساحات للحوار: الاستماع للآخر المختلف بدلًا من إقصائه.
4. الرقابة على المحتوى الرقمي: للحد من انتشار المواد المتطرفة.
5. تجفيف منابع التمويل: لأي جماعة أو مؤسسة تروّج للتطرف.
ليس الدين هو العدو، بل الجهل بالدين. وليس الفكر هو المشكلة، بل تحويله إلى وسيلة للقهر والقتل. إن محاربة التطرف والإرهاب الفكري والديني لا تتم بالرصاص وحده، بل تبدأ من العقل والفهم والتعليم والحوار. فلنبنِ مجتمعًا يحتضن الاختلاف ويحصّن أبناءه بالوعي، حتى لا يكونوا يومًا وقودًا لفكر ظلامي يُحارب الحياة باسم الإيمان.