آخر الأخبار

بين الموافقة والتحذير.. هل تسعى مصر فعلًا لتفريغ إسرائيل من اليهود؟

بقلم: إيمان حاكمهم

بين الموافقة والتحذير.. هل تسعى مصر فعلًا لتفريغ إسرائيل من اليهود؟

في خطوة أربكت بعض الدوائر السياسية والإعلامية الإسرائيلية، أشارت تقارير عبرية خلال الأيام الماضية إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد وافق مبدئيًا على استقبال أعداد من المهاجرين الإسرائيليين على الأراضي المصرية، تحت دواعي "الظروف الإنسانية"، في ظل التوترات الأمنية المتصاعدة في الداخل الإسرائيلي.


هذه التقارير، التي لم يصدر بشأنها أي تعليق رسمي من الجانب المصري، قوبلت بحالة من الهلع داخل بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، وصلت إلى حد اتهام مصر بالسعي إلى "تفريغ إسرائيل من اليهود"، وهي عبارة بدت صادمة وربما مستفزة، في ظل ما يمر به الإقليم من أزمات متشابكة.


ماذا تخشى إسرائيل فعلًا؟


التحذيرات الإسرائيلية لا تأتي من فراغ. فهناك شعور متزايد في الداخل الإسرائيلي بأن الهزات العنيفة التي تضرب المجتمع الإسرائيلي – أمنيًا وسياسيًا واجتماعيًا – قد تدفع شرائح من السكان للبحث عن بدائل خارجية، خاصة في ظل تصاعد العنف، وامتداد القتال إلى عمق المستوطنات، وفشل الحكومة في استعادة "شعور الأمان" الذي طالما تغنّت به الدولة العبرية.


من هنا، تنظر بعض التيارات الصهيونية إلى أي قبول إقليمي – وخاصة من مصر – باستضافة مهاجرين إسرائيليين، على أنه تهديد وجودي "ناعم"، لأنه قد يفتح الباب أمام خيار الهروب بدلًا من البقاء والصمود، وهو ما يناقض العقيدة الصهيونية القائمة على "التمسك بالأرض".


الموقف المصري.. واقعية أم ورقة ضغط؟


مصر، من جهتها، لم تؤكد أو تنفِ رسميًا هذه المعلومات، لكنها لا تزال تلعب أدوارًا إقليمية محورية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والتوازنات الأمنية في المنطقة. وسبق أن تعاملت القاهرة بمرونة في قضايا اللاجئين والنازحين، سواء من غزة أو السودان أو ليبيا أو سوريا، وهو ما يمنحها سمعة دولية باعتبارها دولة "ملاذ في الأزمات".


لكن التحرك الأخير – إن صح – قد يحمل رسائل سياسية أيضًا، فاستضافة مصر للإسرائيليين في هذا التوقيت قد تُفسَّر كنوع من الضغط غير المباشر على إسرائيل، خصوصًا إذا ما اقترن بشرط وقف العدوان على غزة أو التزام سياسي بحدود معينة في التعامل مع القضية الفلسطينية.


بين الحقيقة والمبالغة الإعلامية


من المهم التنويه إلى أن الصحف الإسرائيلية ليست مجرد ناقل للأخبار، بل هي أداة ضغط وصياغة للرأي العام والسياسات. لذا، قد تكون هذه التحذيرات نوعًا من المبالغة أو محاولة لردع أي خطوة محتملة من جانب مصر أو غيرها من دول الجوار، في حال تصاعدت موجات الهجرة داخل إسرائيل.


وفي المقابل، فإن الحديث عن "تفريغ إسرائيل من اليهود" يبدو، حتى اللحظة، مصطلحًا سياسيًا مثقلًا بالمخاوف والأدلجة أكثر منه وصفًا لواقع فعلي. فإسرائيل – رغم أزماتها – لا تزال تسيطر أمنيًا وتدير المشهد داخليًا بشكل يمنع انهيارًا وشيكًا، لكن الرعب من هذا السيناريو يعيش في أعماق عقلها السياسي منذ عقود.


سواء كانت هذه المعلومات دقيقة أو مضخمة، فإنها تعكس أمرًا بالغ الأهمية: أن خريطة النفوذ والتحالفات تتغير، وأن الدولة المصرية تعود لتلعب دورًا فاعلًا في المشهد الإقليمي، ليس فقط كوسيط، بل كصانع قرارات حقيقية تؤثر في أمن المنطقة وتوازناتها.


يبقى أن تُدار هذه الملفات بحكمة، بعيدًا عن ضجيج الدعاية، وعن تصفية الحسابات الإعلامية، مع التمسك بثوابت السياسة المصرية: حماية الأمن القومي، دعم القضية الفلسطينية، وعدم السماح بتحويل أراضي مصر إلى ساحة صراع بالوكالة.


العهد نيوز - al3hd news
العهد نيوز - al3hd news
تعليقات