كتبت: شان مسلم
يشهد العالم العربي ثورة تكنولوجية هائلة بفضل انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يثير تساؤلات حول تأثيرها على مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك سوق العمل.
تعريف الذكاء الاصطناعي: الذكاء الاصطناعي هو أحد العلوم الحديثة التي تشمل قدرة الآلات على أداء المهام التي تتطلب الذكاء البشري، مثل التفكير والتعلم واتخاذ القرارات. لقد شهد هذا المجال تقدمًا سريعًا في السنوات الأخيرة، بسبب توافر كميات كبيرة من البيانات وموارد الحوسبة القوية وتطور الخوارزميات. حاليًا، يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على تغيير جوانب مختلفة من حياة البشر، بما في ذلك الطريقة التي نعمل ونتواصل ونتعلم ونستمتع بها.
ويتوقع الخبراء أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير عميق على سوق العمل العالمي، فوفقًا لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، بين عامي 2020 و2025، سيعمل الذكاء الاصطناعي والأتمتة على خلق 97 مليون وظيفة جديدة، لكن ذلك سيؤدي إلى التخلي عن 85 مليون وظيفة موجودة بالفعل.
أنواع الذكاء الاصطناعي
1- الذكاء الاصطناعي الضيق: يركز على أداء مهمة محددة، مثل التعرف على الوجه.
2- الذكاء الاصطناعي العام: يحاكي القدرات الذهنية البشرية بشكل عام.
3- التعلم الآلي: تطوير أنظمة تتعلم من البيانات دون الحاجة إلى برمجة صريحة.
أدوات الذكاء الاصطناعي
1- منصات الحوسبة السحابية: توفر الموارد الحاسوبية اللازمة لتطوير وتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
2- المكتبات والبرمجيات: توفر أدوات جاهزة لبناء تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
3- مجموعات البيانات: تستخدم لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي.
استخدامات الذكاء الاصطناعي
تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات حيث يستخدم في:
* التشخيص الطبي: تحليل الصور الطبية لتشخيص الأمراض من خلال تحليل البيانات الطبية المعقدة، مما يؤدي إلى تشخيصات أسرع وأدق. فعلى سبيل المثال، تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي للكشف عن الأورام في صور الأشعة السينية والرنين المغناطيسي بدقة تضاهي أو تفوق دقة الأطباء البشريين.
* الخدمات المالية: الكشف عن الاحتيال، وتقديم المشورة المالية والرد على استفسارات العملاء على مدار الساعة.
* النقل: قيادة السيارات ذاتية القيادة، وتحسين أنظمة النقل العام.
* التعليم: تخصيص التعلم للطلاب، وتقديم ملاحظات فورية.
* خدمة العملاء: تقديم الدعم للعملاء من خلال روبوتات الدردشة.
التأثير الإيجابي للذكاء الاصطناعي على سوق العمل
لقد تخلفت الدول العربية عن مناطق أخرى في الابتكار التكنولوجي والتحول الرقمي بسبب عوامل مختلفة، مثل عدم الاستقرار السياسي، والتحديات الاقتصادية، وعدم المساواة الاجتماعية، والفجوات التعليمية.
لكن في السنوات الأخيرة، كان هناك اهتمام متزايد واستثمار في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في بعض الدول العربية، والدافع وراء ذلك هو تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين الخدمات. إذ أطلقت العديد من الدول العربية استراتيجيات ومبادرات وطنية لتعزيز وتطوير الذكاء الاصطناعي، ومنها نذكر ما يلي:
1- استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي: الهدف منها هو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031.
2- الاستراتيجية الوطنية السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي: الهدف هو جعل المملكة ضمن أفضل 15 دولة في مجال تطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي وتدريب واستضافة أكثر من 20 ألف متخصص وخبير في مجال الذكاء الاصطناعي والبيانات بحلول عام 2030.
3- الاستراتيجية الوطنية المصرية للذكاء الاصطناعي: الهدف أن يسهم الذكاء الاصطناعي بنحو 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر بحلول عام 2030.
أيضًا، كان القطاع الخاص في المنطقة العربية نشطًا في تبني ونشر حلول الذكاء الاصطناعي، كما أنشأ بعض عمالقة التكنولوجيا، مثل جوجل ومايكروسوفت وآي بي إم، مراكز لأبحاث الذكاء الاصطناعي في المنطقة بهدف الاستفادة من المواهب المحلية وفرص السوق.
وشهد قطاع التعليم في المنطقة العربية إصلاحات لتعزيز تعليم وتبني الذكاء الاصطناعي. وقد قدمت العديد من الجامعات والمؤسسات التعليمية برامج متعلقة بالذكاء الاصطناعي، مثل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في الإمارات العربية المتحدة، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في السعودية.
من المتوقع أن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على التوظيف في المنطقة العربية، حيث يمكنه خلق الوظائف أو إلغاؤها أو تغييرها في مختلف القطاعات والمهن. إذ وفقًا لدراسة أجراها صندوق النقد الدولي، سيتعرض نحو 40% من الوظائف لتأثير الذكاء الاصطناعي سواء على مستوى العالم أو في العالم العربي. هذا التأثير سيكون غير مؤكد أو معروف، وسوف يختلف اعتمادًا على مستوى مهارات العمال وتعليمهم ودخلهم، وكذلك القطاع والصناعة والبلد الذي يعملون فيه.
خلق وظائف جديدة
من المتوقع أن يخلق الذكاء الاصطناعي وظائف جديدة ويزيد الطلب على العمال ذوي المهارات عالية المستوى، مثل الإبداع وحل المشكلات والتواصل والتعاون. تعد هذه المهارات ضرورية لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي وإدارتها واستخدامها، وكذلك لأداء المهام المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل التصميم وخدمة العملاء.
تشمل بعض القطاعات التي يمكن أن تشهد نموًا في الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي كلًا من التكنولوجيا والرعاية الصحية والتعليم؛ لأنها تتطلب مستويات عالية من الخبرة البشرية، وفيها إمكانات عالية للابتكار.
إلغاء الوظائف
قد يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى إلغاء أو تقليل الطلب على الوظائف التي تتطلب المهارات الروتينية واليدوية والكتابية منخفضة المستوى، مثل إدخال البيانات والمحاسبة. هذه المهارات عرضة للأتمتة، وتستطيع الآلات تنفيذها بسهولة وسرعة ودقة أعلى.
تشمل بعض القطاعات التي يمكن أن تخسر الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي التصنيع والزراعة والنقل وتجارة التجزئة؛ لأنها تعتمد بشكل كبير على المهام المتكررة، ولا تتطلب الابتكار والكثير من الخبرة البشرية.
تغيير الوظائف الحالية
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يغير طبيعة الوظائف والمهن الحالية، من خلال زيادة وتعزيز قدرات العمال والموظفين، وتمكينهم من أداء المهام بشكل أكثر فعالية وإنتاجية، وأتمتة بعض الجوانب الروتينية والمملة في عملهم.
تحديات ومخاطر اعتماد الذكاء الاصطناعي في سوق العمل العربية
عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية: قد يسبب الذكاء الاصطناعي تفاوتات اجتماعية واقتصادية من خلال توسيع الفجوة بين الفائزين والخاسرين من ثورة الذكاء الاصطناعي، مثل العمال المهرة وغير المهرة، والدول الغنية والفقيرة، والمناطق الحضرية والريفية.
مشكلات أخلاقية وقانونية: ما تزال هناك تساؤلات حول المساءلة والشفافية والتحيز في عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي، فضلًا عن التأثير على خصوصية وحقوق الأفراد والجماعات.
تهديدات أمنية وجيوسياسية: تنجم هذه التهديدات عن زيادة تعرض المنطقة للهجمات الإلكترونية والتجسس، وكذلك عن طريق تغيير توازن القوى والنفوذ فيها.
التأثير السلبي للذكاء الاصطناعي على سوق العمل
قد يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى إلغاء أو تقليل الطلب على الوظائف التي تتطلب المهارات الروتينية واليدوية والكتابية منخفضة المستوى، مثل إدخال البيانات والمحاسبة. هذه المهارات عرضة للأتمتة، وتستطيع الآلات تنفيذها بسهولة وسرعة ودقة أعلى.
تشمل بعض القطاعات التي يمكن أن تخسر الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي التصنيع والزراعة والنقل وتجارة التجزئة؛ لأنها تعتمد بشكل كبير على المهام المتكررة، ولا تتطلب الابتكار والكثير من الخبرة البشرية.
فقدان الوظائف: قد تؤدي أتمتة المهام إلى فقدان بعض الوظائف، خاصة تلك التي تعتمد على مهام روتينية.
عدم المساواة: قد يفاقم الذكاء الاصطناعي من عدم المساواة في الدخل، حيث قد يستفيد منه ذوو المهارات العالية بشكل أكبر من غيرهم.
المخاوف الأخلاقية: تثير تقنيات الذكاء الاصطناعي مخاوف أخلاقية، مثل التحيز والتمييز، وقلة الشفافية.
خاتمة
يُمثل الذكاء الاصطناعي فرصة هائلة لتنمية اقتصادات الدول العربية، لكنه يُشكل أيضًا تحديات يجب التصدي لها.
وللتحضير لمستقبل العمل في ظل الذكاء الاصطناعي، يجب:
الاستثمار في التعليم والتدريب: يجب الاستثمار في تعليم مهارات جديدة تتوافق مع متطلبات سوق العمل المُتغير، مثل: مهارات حل المشكلات، والتفكير الإبداعي، ومهارات التعلم الرقمي.
تعزيز ريادة الأعمال: يُمكن لريادة الأعمال أن تُساهم في خلق فرص عمل جديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي.
الحماية الاجتماعية: يجب وضع سياسات لحماية العمال المتضررين من أتمتة الوظائف، مثل: برامج إعادة التأهيل والتدريب، وشبكات الأمان الاجتماعية.
التشريعات والقوانين: يجب وضع تشريعات وقوانين لتنظيم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وضمان الأخلاقيات والمساءلة.
باستثمار الجهود في هذه المجالات، يُمكن للدول العربية الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي لخلق مستقبل عمل أفضل وأكثر ازدهارًا.