كتبت: صفاء حامد
أصدر محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، القرار الوزاري رقم (149) بتاريخ 1/9/2024، بشأن تنظيم آليات مجموعات التقوية والدعم التعليمي، التي تهدف إلى تحقيق أقصى استفادة دراسية ممكنة للطلاب في مختلف المراحل الدراسية. يأتي هذا القرار ضمن مجموعة من الآليات الشاملة التي تتبناها الوزارة مع بداية العام الدراسي الجديد، بهدف تقديم نظام تعليمي أكثر جودة للطلاب داخل المدارس. كما تقرر استبدال مسمى "مجموعات الدعم المدرسي" ليصبح "مجموعات التقوية والدعم التعليمي". وفيما يلي ملخص لما جاء في قرار الوزير:
قرارات وزير التربية والتعليم بشأن تنظيم مجموعات التقوية
1- استبدال مسمى "مجموعات الدعم المدرسي" ليصبح "مجموعات التقوية والدعم التعليمي"، وتكون هذه المجموعات اختيارية وبمقابل مادي مناسب.
2- تحديد موعد بدء ونهاية المجموعات لكل فصل دراسي، مع التأكيد على ألا تقل الفترة بين الإعلان عن المجموعات وبدئها عن أسبوع واحد.
3- المدة الزمنية لكل مجموعة تكون ساعتين أسبوعيًا، ويكون إشراك المعلمين والقائمين على التدريس في هذه المجموعات اختياريًا.
4- إدارة المدرسة تتولى تحديد العدد الإجمالي للطلاب في المجموعة وتحديد قيمة الاشتراك.
5- الحد الأقصى للطلاب في المجموعة الواحدة هو 25 طالبًا، ولا يتجاوز قيمة الاشتراك 100 جنيه لكل طالب في الحصة.
6- تخفيض قيمة الاشتراك بنسبة 50% لأبناء العاملين في التربية والتعليم، وأبناء الشهداء، والأيتام، والمصابين.
7- عدم استحقاق أي من القائمين على المجموعات أجرًا إضافيًا مقابل العمل خارج أوقات العمل الرسمي.
على الرغم من أن هذا القرار يبدو في ظاهره محاولة لتخفيف العبء المالي على الأسر وتقديم بديل ميسر عن الدروس الخصوصية المكلفة، إلا أنه قد يؤدي إلى عكس ذلك. فالمدرسون بالخارج قد يرون في هذا القرار فرصة لرفع أسعارهم، بحجة تقديم خدمة تعليمية مكثفة وشخصية أكثر فعالية من تلك التي تقدمها مجموعات التقوية المدرسية. كما أن السناتر التعليمية، التي تعتمد بشكل كبير على تقديم دروس خصوصية بمجموعات كبيرة، قد تجد نفسها مضطرة لزيادة أسعارها لمواجهة التحديات الجديدة، مثل الحد من أعداد الطلاب في المجموعات لتتناسب مع المتطلبات الجديدة.
في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه الكثير من الأسر المصرية، يجد ولي الأمر نفسه في موقف لا يُحسد عليه، حيث يضطر للتعامل مع قرارات وزارة التربية والتعليم من جهة، ومتطلبات معلمي السناتر التعليمية والدروس الخصوصية من جهة أخرى.
لنأخذ مثالًا بسيطًا من حياة أسرة متوسطة الدخل. إذا كان لدى ولي الأمر ثلاثة أبناء في مراحل دراسية مختلفة، فإن تكلفة الدروس الخصوصية قد تصل إلى 6000 إلى 8000 جنيه شهريًا، وهو مبلغ ضخم بالنسبة للكثير من الأسر. ومع قرار الوزارة الذي ينظم مجموعات التقوية بسعر لا يتجاوز 100 جنيه للحصة، قد يعتقد البعض أن هذا سيخفف العبء، لكن الواقع ليس بهذه البساطة.
الكثير من أولياء الأمور يعانون من فجوة كبيرة بين ما يحصل عليه الطالب داخل المدرسة وما يحتاجه من دعم إضافي لضمان تحصيله الدراسي. على الرغم من أن الوزارة تسعى إلى توفير دروس تقوية في المدارس بمقابل مادي معقول، إلا أن هذه المجموعات قد لا توفر الدعم الكامل المطلوب للطالب، خاصة إذا كان هناك تفاوت في مستويات الطلاب في المجموعة الواحدة.
على سبيل المثال، قد يكون الطالب بحاجة إلى شرح أعمق في مادة معينة أو دعم فردي لتحقيق نتائج جيدة في الامتحانات. هنا يأتي دور السناتر التعليمية، التي تروج لنفسها على أنها تقدم خدمة "أعلى جودة"، مما يجبر ولي الأمر على الاستمرار في دفع مبالغ ضخمة لضمان نجاح أبنائه. ويصبح ولي الأمر في وضع محير: هل يكتفي بالمجموعات المدرسية التي قد لا تكون كافية؟ أم يدفع المزيد لضمان مستوى تعليم أفضل؟
بينما تضع الوزارة حدًا أقصى لسعر الحصة في مجموعات التقوية بـ 100 جنيه، يبقى الوضع مختلفًا تمامًا في السناتر التعليمية. لا يوجد تنظيم واضح لهذه المراكز، مما يتيح للمدرسين وضع أسعار تتجاوز أحيانًا ما يتحمله ولي الأمر. بعض السناتر في مناطق مثل القاهرة أو الجيزة تفرض رسومًا تتراوح بين 150 و300 جنيه للحصة الواحدة، بناءً على شهرة المدرس أو قوة السنتر التعليمي.
على سبيل المثال، يمكن أن تصل تكلفة حصة فيزياء أو رياضيات للمرحلة الثانوية إلى 250 جنيهًا في بعض السناتر الشهيرة. إذا كان الطالب بحاجة إلى حضور عدة حصص في الأسبوع في مواد مختلفة، فإن تكلفة التعليم تصبح عبئًا ماليًا هائلًا.
ولي الأمر هنا هو الضحية الأكبر. بين رسوم المدرسة، والدروس الخصوصية، ومجموعات التقوية، يشعر بأنه يُجر إلى دوامة من التكاليف المتزايدة دون ضمان حصول ابنه أو ابنته على التعليم الجيد. فحتى مع تنظيم الوزارة لهذه المجموعات، لا تزال السناتر التعليمية والدروس الخصوصية تفرض نفسها كخيار "أكثر ضمانًا" للنجاح.
في النهاية، يجد ولي الأمر نفسه في معركة مستمرة بين قرارات وزارة التربية والتعليم من جهة، وضغوط السوق التعليمي الخاص من جهة أخرى. وبينما تحاول الوزارة تقديم حلول قد تبدو معقولة على الورق، تبقى التحديات الواقعية أكبر مما يمكن لولي الأمر تحمله في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
هذا الوضع يضع ولي الأمر في موقف لا يُحسد عليه، حيث يجب عليه الموازنة بين تكلفة التعليم المتزايدة من جهة، وضمان مستقبل تعليمي جيد لأبنائه من جهة أخرى. وفي نهاية المطاف، قد يكون ولي الأمر هو الخاسر الأكبر في هذه المعادلة، حيث يواجه قرارات وزارية تهدف إلى التنظيم، لكنها قد تؤدي في الواقع إلى تضخم أسعار التعليم الخاص، مما يزيد من الأعباء المالية على الأسر المصرية.