كتبت: صفاء حامد
برز وضع شريط ضيق من الأرض يعرف باسم ممر فيلادلفيا على حدود غزة مع مصر كحجر عثرة في الجهود الرامية إلى تأمين اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس بعد 11 شهرًا من الحرب .
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل بحاجة إلى إبقاء قواتها داخل الممر لمنعه من أن يصبح شريان حياة لحماس لتهريب الأسلحة إلى غزة.ولكن مصر تقول إن إسرائيل لابد أن تنسحب، وتطالب حماس بانسحاب إسرائيل من غزة بالكامل. وفيما يلي بعض الحقائق عن الممر.
ما هو ممر فيلادلفيا؟
الممر هو شريط يبلغ طوله نحو 14 كيلومترا، ويمتد من البحر الأبيض المتوسط في نهايته الشمالية الغربية إلى قرب معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل في نهايته الجنوبية الشرقية. وأطلقت إسرائيل عليها الاسم الرمزي فيلادلفيا، في حين يطلق عليها الفلسطينيون ومصر عادة اسم طريق أو محور صلاح الدين.
وقد كان تأمين الحدود مصدر قلق بالنسبة لإسرائيل منذ فترة طويلة. فقبل أن تسحب قواتها ومستوطنيها من غزة في عام 2005، كانت الهجمات على الجنود الإسرائيليين الذين يقومون بدوريات على طول الممر أمرًا شائعًا.
وكجزء من الانسحاب وقعت إسرائيل اتفاقًا مع مصر سمح بنشر حرس حدود مصريين قوامهم 750 فردًا، وكان من المفترض أن يتصدوا لعمليات التهريب والأنشطة المسلحة على الحدود. وانتقلت السيطرة على الجانب الغزي إلى السلطة الفلسطينية حتى استولت حماس على غزة في عام 2007.
من يسيطر عليه وماذا تريد إسرائيل؟
استولت إسرائيل على معبر فيلادلفيا في مايو، كجزء من تقدمها نحو رفح، جنوب قطاع غزة. وتقول إسرائيل أنها بحاجة إلى تأمين الممر لأن حماس تستخدم الأنفاق التي تربط غزة بشبه جزيرة سيناء المصرية لتهريب الأسلحة والمواد المحظورة.
وبعد فترة طويلة من انسحاب إسرائيل من غزة، ظلت شبكة كبيرة من الأنفاق قيد الاستخدام. وفي مايو، قال مندوب إسرائيلي في محكمة العدل الدولية أنه تم تحديد نحو خمسين نفقًا من هذا النوع في رفح بعد دخول القوات الإسرائيلية.
وتقول مصر أنها دمرت شبكة الأنفاق من جانبها من الحدود عندما بدأت في التصدي للعمليات الإرهابية في شمال سيناء قبل نحو عقد من الزمن، وأنها أنشأت فيما بعد منطقة عازلة وتحصينات حدودية لمنع التهريب.
لماذا يعد الممر مهما للفلسطينيين؟
منذ سيطرت حماس على غزة فرضت إسرائيل بالاشتراك مع مصر، حصارًا على القطاع. وشمل ذلك فرض سيطرة مشددة على الحركة عبر معبر رفح ، الذي يقع على ممر فيلادلفيا وكان المعبر الوحيد على حدود غزة الذي لا يخضع لسيطرة إسرائيل المباشرة. ورغم القيود ظل المعبر بمثابة شريان حياة للفلسطينيين، إذ يسمح لمن حصلوا على موافقة أمنية بمغادرة الأراضي والعودة إليها، كما يعمل كبوابة للتجارة.
بعد اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر من العام الماضي، أصبح معبر رفح نقطة الدخول الرئيسية للمساعدات الإنسانية وطريق إجلاء لأولئك الذين هم في حاجة ماسة إلى العلاج الطبي. وقد أدى التقدم الإسرائيلي في شهر مايو إلى إغلاق المعبر، مما أدى إلى تقليص حاد في عمليات تسليم المساعدات والإجلاء الطبي.
ما هو موقف مصر؟
تقول مصر أن الممر مضمون بموجب معاهدة السلام التي أبرمتها مع إسرائيل عام 1979، وأن إسرائيل يجب أن تنسحب، وأن الوجود الفلسطيني في رفح يجب أن يعود. لقد أدى التقدم الإسرائيلي إلى حرمان مصر من دورها في التوسط في الوصول عبر الحدود، وهو المنصب الذي كان يمنح القاهرة نفوذًا على حماس.
وتعتبر مسألة الأمن على الحدود حساسة للغاية بالنسبة لمصر بسبب تاريخها من الصراع مع إسرائيل، والمخاوف من أن الهجوم العسكري الإسرائيلي قد يخلق خرقًا للحدود ويدفع أعدادًا كبيرة من الفلسطينيين إلى سيناء.
لماذا يعد الممر محورًا لمحادثات وقف إطلاق النار؟
وقد برزت رغبة إسرائيل في إبقاء قواتها منتشرة في ممر فيلادلفيا وممر نتساريم، الذي يمر عبر قطاع غزة جنوب مدينة غزة، كنقاط خلاف في محادثات وقف إطلاق النار في الآونة الأخيرة.
على مدى أشهر من المفاوضات كانت مطالب حماس الأساسية هي ضمان وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة. وتريد الحركة أن يتمكن الفلسطينيون، الذين نزح العديد منهم من شمال غزة إلى جنوبها، من التحرك عبر نتساريم منذ المرحلة الأولى من أي اتفاق لوقف إطلاق النار. كما اتهمت نتنياهو بطرح مطالب جديدة كذريعة لمواصلة الحرب.
كما تشارك مصر في دور الوسيط في محادثات وقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة وقطر، وقد ردت بغضب على التلميحات الإسرائيلية بأن حدودها مع غزة ليست آمنة. وناقش المفاوضون أنظمة المراقبة التي قد تسمح لإسرائيل بسحب قواتها إذا تم الاتفاق على وقف إطلاق النار. كما دارت مناقشات حول نشر مراقبين دوليين على الحدود.
ورفض نتنياهو الانسحاب من الممر في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. وقال إن إسرائيل لن توافق على وقف إطلاق نار دائم إلا بعد ذلك مع ضمانات بتأمين الممر.
يعد ممر فيلادلفيا نقطة محورية في الصراع الدائم بين إسرائيل وحماس، حيث يعكس التوترات المعقدة بين الأمن الإقليمي والاحتياجات الإنسانية. بينما تسعى إسرائيل للحفاظ على وجودها العسكري لضمان عدم تهريب الأسلحة، تواجه حماس ومصر تحديات جسيمة في التأكيد على حقوق الفلسطينيين واحتياجاتهم الإنسانية. إن التقدم نحو اتفاق دائم لوقف إطلاق النار يتطلب حلًا شاملًا يأخذ في الاعتبار المخاوف الأمنية لجميع الأطراف، مع ضرورة تعزيز الدور المصري كوسيط فعّال. تبقى الأوضاع متوترة، مما يستدعي جهودًا متجددة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.