آخر الأخبار

قصة: لعنة الأرواح الحبيسة "الجزء الأول"

كتبت: نبراس أحمد
قصة: لعنة الأرواح الحبيسة "الجزء الأول"

 الفصل الأول: الساحر مالك


المشهد الأول: الوصول إلى القرية

كانت الغيوم الكثيفة تتجمع فوق القرية الصغيرة، حاجبةً ضوء القمر، ومخلفةً جوًا مشحونًا بالتوتر. سار "يوسف"، رجل أربعيني بملامح شديدة التعب، وسط الشوارع الضيقة المهجورة. كان يبدو أنه ضل طريقه، ولكنه لم يكن قلقًا من الضياع بقدر ما كان يشعر بشيء غامض يراقبه من بعيد. كان قد سمع الكثير عن هذه القرية، وعن الشرور التي تسكنها.


في نهاية الطريق، ظهر له قصر قديم، محاط بأشجار جافة تبدو وكأنها تخرج من كابوس. تقدم يوسف بحذر، وكل خطوة كان يتردد فيها صدى في أذنيه. عندما اقترب من بوابة القصر، توقف للحظة، ليشعر بهواء بارد يضرب وجهه، وكأنه تحذير.


لقاء مع الحارس الغامض


يوسف: (بصوت منخفض) "هل هناك أحد هنا؟"


من خلف الظلام، خرج رجل عجوز يرتدي ملابس رثة، كانت عينيه فارغتين وكأنهما تحملان همومًا تفوق عمره بكثير.


الحارس: "ماذا تريد هنا، أيها الغريب؟ لا أحد يأتي إلى هنا إلا إن كان يبحث عن الهلاك."


يوسف: (بصوت خافت ولكنه عازم) "سمعت عن الساحر... مالك. أريد أن أراه."


الحارس: (بابتسامة ساخرة) "مالك؟ كل من يسعى وراء مالك، لا يعود أبدًا. هل تريد أن تكون التالي؟"


يوسف: "سأتحمل العواقب. لديّ أسئلة لا يجيب عنها إلا هو."


المشهد الثاني: داخل القصر

فتح الحارس البوابة ببطء، وصوت الصدأ يملأ الجو. دخل يوسف إلى الفناء، حيث كانت الطقوس الغامضة واضحة على الجدران. كل شيء في القصر كان يبدو كأنه قد تجمد في الزمن، إلا الهواء الذي كان مشبعًا برائحة عفن ودماء.


لقاء الساحر مالك


مالك: (بصوت عميق وهادئ) "لقد توقعت قدومك، يوسف."


يوسف: (يتفاجأ) "كيف تعرف اسمي؟"


مالك: "أنا أعرف الكثير، أكثر مما تتصور. ما الذي أتى بك إلى هنا؟"


يوسف: (بتردد) "أبحث عن القوة... قوة لا حدود لها."


مالك: (بابتسامة خبيثة) "القوة لها ثمن، يوسف. هل أنت مستعد لدفعه؟"


يوسف: "سأدفع ما يلزم."


مالك: (يقترب منه، وصوته يتحول إلى همس) "القوة التي تطلبها ليست مجرد قوة جسدية أو مادية... إنها شيء أعمق. ستحتاج إلى التضحية... التضحية بما هو أثمن لديك."


المشهد الثالث: الطقوس السوداء

مالك: (بصوت صارم) "أنت تطلب القوة، يوسف، والقوة تأتي من الظلام. عليك أن تتوحد مع الظلام، أن تصبح جزءً منه."


بدأت الطقوس. أشعل مالك الشموع السوداء، وانطلقت رائحة بخور ثقيلة في الجو. وضع يده على جمجمة بشرية على الطاولة، وبدأ في التلاوة مجددًا. كانت الكلمات تشبه تلك اللغة الغريبة التي سمعها يوسف في الأحلام، لغة قديمة تنبض بالطاقة.


يوسف: (بداخله شعور بالرهبة) "ما الذي يحدث هنا؟"


مالك: (بصوت منخفض) "لا تخف، يوسف. هذا هو الثمن الذي يجب دفعه. عليك أن تواجه مخاوفك، أن تقبل الظلام بداخلك. فقط حينها ستحصل على القوة التي تسعى إليها."


المشهد الرابع: الرؤية المروعة

في تلك اللحظة، شعر يوسف بشيء يسحب روحه من داخله. لم يعد قادرًا على تحريك جسده، وكان الظلام يحيط به من كل جانب. رأى أمامه رؤى مرعبة، أرواح معذبة تصرخ في عذاب أبدي. رأى نفسه غارقًا في بحر من الدماء، بينما كانت أيدٍ مظلمة تحاول جذبه إلى الأسفل.


يوسف: (بصوت مبحوح) "ما هذا؟ هل هذه هي القوة؟"


مالك: (يقترب منه ببطء، وعيناه تلمعان بالشر) "هذه مجرد البداية، يوسف. عليك أن تتقبل هذا الظلام، أن تصبح واحدًا معه. فقط حينها ستتمكن من التحكم به."


المشهد الخامس: النهاية المؤقتة

فجأة، توقف كل شيء. عاد يوسف إلى وعيه، لكنه شعر أن شيئًا ما بداخله قد تغير. لم يكن نفس الشخص الذي دخل القصر. كان يشعر بالقوة تتدفق في عروقه، ولكن كان هناك أيضًا شعور بالفراغ، كأن جزءً من روحه قد تم انتزاعه.


مالك: (يبتسم ببرود) "الآن، يا يوسف، أصبحت واحدًا منا. لكن تذكر، هذه القوة ليست لك وحدك. الظلام دائمًا يطالب بحقه."


يوسف: (بصوت مرتجف) "ما الذي عليّ فعله الآن؟"


مالك: "الآن عليك أن تتعلم كيف تتحكم في هذه القوة. ولكن حذار، يا يوسف، فالظلام لا يغفر أبدًا."


المشهد السادس: أرواح الهلع

في لحظة، بينما كان يوسف يحاول استيعاب ما حدث له، بدأ الجو حوله يتغير. الغرفة التي كان يجلس فيها بدت وكأنها تنبض بالحياة. الجدران تحركت وكأنها تتنفس، والظلال على الأرض بدأت تتجمع في أشكال غريبة.


مالك: (بنبرة هادئة ولكن مشبعة بالشر) "أرى أنك بدأت ترى الحقيقة، يوسف. هؤلاء هم أرواح المعذبين، الذين تم التضحية بهم في هذا المكان. إنهم هنا ليذكروك بأنك الآن جزء من هذا العالم."


ظهرت أول روح من الظلام، كانت امرأة بشعر متطاير وعينين فارغتين تمامًا، كأنهما بوابتان إلى هاوية لا نهائية. وجهها كان مشوهًا بشدة، وجروحها المفتوحة كانت تنزف دماء سوداء تتساقط على الأرض دون صوت. كانت تتقدم نحو يوسف ببطء، ويدها الممزقة تمتد نحوه، بينما كانت تصدر أصواتًا مرعبة تشبه النحيب الممزوج بالألم.


يوسف: (بفزع وهو يحاول التراجع) "ما هذا الكابوس؟!"


مالك: (مستمتع بمشهد الرعب) "هذا ليس كابوسًا، يوسف. هذه الأرواح هي نتيجة الطقوس التي كنت جزءًا منها. كل روح تعاني، كل وجه مشوه تراه، هو جزء من الثمن الذي دفعته للحصول على القوة."


المشهد السابع: الهلع الحي

تتابعت الأرواح واحدة تلو الأخرى، كل واحدة كانت أكثر تشويهًا ورعبًا من الأخرى. وجوههم كانت تتغير باستمرار، تتلوى كأنها تحاول الهروب من الألم الدائم. كانت أجسادهم تتحرك بشكل غير طبيعي، وكأنها تتعرض لتعذيب لا ينتهي. بعضهم كان يزحف على الأرض بأذرع مكسورة، بينما كان البعض الآخر يتجول دون أرجل، يترك أثرًا من الدماء السوداء خلفه.


أحد الأرواح، رجل عجوز بعين واحدة محطمة، اقترب من يوسف، وكان يهمس بكلمات غير مفهومة بصوت خشن، بينما كان اللُعاب الأسود يسيل من فمه. حاول يوسف أن يبتعد، لكن الروح كانت تتبعه، تقترب من أذنه وتهمس بكلماتها المسمومة، مما جعل جسد يوسف يقشعر.


المشهد الثامن: التحول النهائي

كان يوسف يشعر بالرعب يجتاح كيانه، لكن في نفس الوقت، كان هناك شعور بالقوة يتزايد داخله. كلما اقتربت الأرواح منه، كان يشعر بأن جزءً منها يندمج معه، ينقل إليه جزءً من آلامهم وقوتهم الملعونة.


يوسف: (بصوت يائس) "متى سينتهي هذا؟ لا أستطيع التحمل أكثر!"


مالك: (بابتسامة مخيفة) "لقد بدأت فقط، يوسف. كلما اندمجت مع هذه الأرواح، زادت قوتك. ولكن تذكر، كل قوة تأتي بثمن. وهذه الأرواح لن تتركك أبدًا."


بدأت الأرواح تتلاشى ببطء، تاركة وراءها صدى لأصواتهم المروعة، ووجوههم المشوهة التي ستظل محفورة في ذاكرة يوسف إلى الأبد. ولكن مع رحيلهم، شعر يوسف بزيادة هائلة في قوته. كانت القوة تتدفق في عروقه مثل سم قاتل، يملأه بالحياة والموت في نفس الوقت.


المشهد التاسع: مرآة الظلام


بعد أن تلاشت الأرواح، وقف يوسف وحيدًا في الغرفة التي أصبحت باردة بشكل لا يُطاق. كان يشعر أن الظلام قد أصبح جزءً منه، وأن الأرواح التي التقت به قد تركت شيئًا منها داخله. ولكن قبل أن يتمكن من التفكير في ما حدث، لاحظ شيئًا غريبًا على الجدار أمامه.


كانت هناك مرآة كبيرة لم يلاحظها من قبل. سطحها كان يبدو كأنه ماء أسود ساكن، يعكس الظلام أكثر مما يعكس الضوء. شعر يوسف بقوة غريبة تجذبه نحو المرآة، وكأنها تدعوه لاكتشاف سر مخفي.


مالك: (من خلفه بصوت هادئ) "هذه ليست مرآة عادية، يوسف. إنها مرآة الروح، تعكس حقيقة ما بداخلك."


تقدم يوسف نحو المرآة ببطء، وقلبه ينبض بسرعة. عندما اقترب بما يكفي، بدأ يرى انعكاسه، لكن ما رآه جعله يتجمد في مكانه. لم يكن يرى نفسه كما كان يعرفه؛ بدلًا من ذلك، كان يرى وجهًا مشوهًا، عيناه ملطختان بالدماء، وملامحه كانت مشدودة بتعبير عن ألم لا يوصف.


في تلك اللحظة، بدأت المرآة تُظهر المزيد. لم يكن يوسف وحده في انعكاسها؛ كانت الأرواح التي واجهها تظهرت خلفه في المرآة، وجوههم ملتوية في صرخات صامتة. كانت تتحرك ببطء، تقترب منه من خلفه، بينما كان الظلام في عيونهم يزداد عمقًا.


يوسف: (بصوت مرتجف) "ما الذي تفعله بي؟"


مالك: (مقتربًا منه، يهمس في أذنه) "هذه هي حقيقتك الآن، يوسف. لقد أصبحت واحدًا مع الظلام، وهذا ما يراه الآخرون عندما ينظرون إليك."


المشهد العاشر: تجسيد الهلع

بينما كان يوسف ينظر إلى المرآة، شعر بألم حاد في رأسه، وكأن شيئًا يحاول الخروج من داخله. حاول أن يبتعد عن المرآة، لكنه لم يستطع. كان مشدودًا إليها، عاجزًا عن الفكاك.


فجأة، بدأت المرآة تلتوي وتتشوه، وكأنها تحاول أن تبتلع يوسف بداخلها. كانت الأشكال الملتوية في المرآة تتحرك بسرعة، تقترب منه حتى شعر وكأنها على وشك أن تخرج من الزجاج وتلتف حوله.


في تلك اللحظة، ظهرت يد سوداء من داخل المرآة، مقبوضة بشدة على حافة الزجاج. تبعتها يد أخرى، ثم رأس مشوه، وجهه مغطى بجلد محروق وعيون بيضاء فارغة. كان هذا الكيان يبدو كأنه مخلوق من صميم الظلام، ووجهه يعكس كل رعب رأته عيناه.


الكيان: (بصوت خشن ومشوه) "أنت لنا الآن، يوسف. لن تهرب منا."


يوسف: (بصوت يائس) "لا... هذا لا يمكن أن يكون حقيقيًا!"


حاول يوسف أن يقاوم، لكنه كان عاجزًا. اليدان السوداوان أمسكتا بكتفيه، وبدأت تجذبه نحو المرآة. شعر بالبرودة تخترق جسده، بينما كانت قوة المرآة تسحبه إلى داخلها.


المشهد الحادي عشر: الهروب من المرآة

في اللحظة التي شعر فيها يوسف بأن الظلام قد ابتلعه بالكامل وأنه لن يستطيع الهروب، حدث شيء غير متوقع. كانت هناك قوة داخلية، شيء عميق بداخله لم يكن يعرف بوجوده، بدأت تتحرك. كان هذا الشعور مزيجًا من الغضب والرغبة في البقاء على قيد الحياة.


بدأ يوسف يقاوم، حاول أن يركز كل قوته على تلك الرغبة في البقاء، متذكرًا كل ما مر به وكل ما ضحى به للوصول إلى هذه النقطة. وببطء، بدأ الظلام يتراجع. بدأت المرآة، التي كانت تشدّه نحوها، في الاهتزاز والانكسار.


في لحظة، تحطمت المرآة بالكامل، وتناثرت شظاياها في كل مكان. سقط يوسف على الأرض، يتنفس بصعوبة، لكنه كان حُرًا. كان يعلم أن الظلام لم يهزمه بالكامل، ولكنه أيضًا لم يهزمه تمامًا.


مالك: (بابتسامة مريبة) "قليلون هم من يخرجون من المرآة أحياء. أنت أقوى مما توقعت، يوسف. ولكن تذكر، الظلام لم يتركك بعد."


يُتبع....


قصة: لعنة الأرواح الحبيسة "الجزء الثاني"


قصة: لعنة الأرواح الحبيسة "الجزء الثالث"


قصة: لعنة الأرواح الحبيسة "الجزء الرابع"


قصة: لعنة الأرواح الحبيسة "الجزء الخامس"


العهد نيوز - al3hd news
العهد نيوز - al3hd news
تعليقات