آخر الأخبار

شرير، ولكن لا بأس!

كتبت: ولاء عبد الهادي

شرير، ولكن لا بأس!

لقد اكتشفت نوعًا جديدًا من الأشرار، لم أعلم بوجوده من قبل، ولأُصدقكم القول ما زلت لا أفهم هذا النوع من الشر أو الأشرار. كنت أعتقد في بداية الأمر أنني أنا من أخطأت في فهم هذا الشخص، ولكن كان يفاجئني في كل مرة أتعامل معه، شخصية غريبة غير مفهومة، أو أنها بسيطة وسهلة ... أظن أنه السهل الممتنع. ما زالت طريقة تفكيره ونواياه غير مفهومة بالنسبة لي، حاولت كثيرًا، ولكن أنا أستسلم، أنا بالفعل فشلت في فهم تلك الشخصية.


هذا النوع من الأشخاص تجده هادئًا وساخرًا قليلًا، لا يوجد له صديق محدّد؛ فالجميع أصدقاؤه، ولديه معارف في كل مكان. اجتماعي بكل المقاييس، ولكن يضع حدودًا للجميع مهما كانت علاقته بشخص معين، ومدى السنين ومقدار المواقف، ولكن لديه دائمًا حدودًا لا أحد يتخطّاها. مُكتفٍ بذاته، يمكن أن تحدّثه بالساعات حول مواضيع مختلفة، ولا يلفت انتباهه إلا ذكر اسمه في جملة ما. من الصعب أن ينفعل أو يخرج عن مشاعره، ولكن حين يفعل تجده كتلةً من الثلج؛ لا يتأثّر بأي شيء.


قابلتُ أشخاصًا عدّة، وكثيرًا من الشخصيات، ولم يلفت انتباهي شخصية مثل تلك الشخصية. ورغم كل المواصفات المُعتدلة أو المقبولة التي ذكرتها، فقد التمست جزءً من الطيبة واللين في هذه الشخصية -فهذا الشخص طيّب بطريقته-، وكان أصدق شيء رأيته في حياتي، تلك الشخصية بكل ما تملكه من دبلوماسية في التعامل، واعتدال في العلاقات لدرجة تجعلك تشعر بعد فترة من الزمن بفضول رهيب حول تعامل هذه الشخصية مع الأشخاص المقرّبين منها، كيف ستكون هذه الشخصية مع أحبائها؟ لا أعلم!


الجزء الشرير أو المخيف في هذه الشخصية أنه لا يمكنك الاعتماد عليها في تفهّم مشاعرك؛ فبالنسبة لتلك الشخصية، لديها قواعد مع الأشخاص. منها المنطقية وعدم الانجراف حول مشاعر شخص؛ حيث سيتعامل مع مشاعرك الحزينة مثلًا على أنها مشكلة وتحتاج حلًّا، وسيحاول إيجاد حل لتلك المشكلة، لا يوجد في قاموسه أن هذه مشاعر وليست مشكلة، إننا لا نريد حلًّا، بل نريد أن نتحدث وأن يستمع لنا ويتفهّم مشاعرنا فقط. 


لذلك الطريقة الأمثل لمثل تلك الشخصيات هي التعامل معها بالطريقة والقواعد نفسها، لا تتأمّل بها كثيرًا ولا تنتظر منها المستحيل. يكفي أن نتعلم أن هناك شخصًا جيدًا ونظيفًا بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ طيبة، شخص يمكنك الاعتماد عليه إذا حدثت لك مشكلة أو مكروه -بعيدًا طبعًا عن مشاعرك-.


من يتعامل مع هذه الشخصية بعاطفة ومشاعر وتأمّلات كثيرة يجدها شخصية شريرة وقاسية، شخصية مُؤذية، ولكن حين تتفهّم وتفكّر بمنطقية مثل هذا الشخص ستجد أنه لم يفعل شيئًا. كل هذه الأفكار والتحليلات والتأمّلات هي من جانبك فقط. لو أخذنا جانب هذه الشخصية في الوقت الذي تفكّر فيه أنت في كل تلك الآمال والطموحات ستجد أن هذا الشخص لم ينتبه أصلًا لما يحدث معك، بالنسبة له إن كل شيء طبيعي، ولا توجد مشاكل بينكما، وأنت تتعامل معه مثل العادة، وهو لم يفعل شيئًا يجعلك تتأمّل فيه أو تطمح لمكانة مهمة بالنسبة له، فهو ليس لديه مشكلة، وفي الوقت نفسه يتعامل معك بالطريقة المنطقية نفسها وبالأسلوب الاجتماعي الطيب نفسه.


إذن، أين المشكلة؟


المشكلة تكمن فينا نحن، بمشاعرنا في هذا الزمن الذي نعيشه، أن تجد شخصًا صادقًا وواضحًا -مثل هذه الشخصية في حدود التعامل- نشعر وكأنه طوق نجاة في عالم كثُر فيه الكذب والخداع، كثُرت فيه الوقاحة والأذيّة. لذلك من أهم الأشياء التي تعلّمتها من التعامل مع هذه الشخصية، أننا لا يجب أن نحكم على أحد بتفكيرنا نحن أو نفسّر نحن بطريقتنا. 


يجب أن نتأكّد أولًا من طبيعة الشخصية التي أمامنا، ونتعامل حسب كل شخصية، فليس الجميع يحمل لك خيرًا، كل ما يجب عليك فعله هو أن تركّز مع الأشخاص الذين يتمنّون لك الخير، والأشخاص الذين لا يريدون أذيّتك بطبيعتهم.


الأشخاص مثل شخصية اليوم لا يركّزون معك، مع أذيّتك أو مع تفاصيل حياتك -سوى ما تخبرهم به- يمكن أن تعتبر هذا عدم اهتمام منهم، ولكن لا بأس! وربما هذه الشخصية شريرة، ولكن لا بأس!


تدقيق: شيماء عبد الشافي

العهد نيوز - al3hd news
العهد نيوز - al3hd news
تعليقات