القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة: صرخة بلا صدى

كتبت: صفاء حامد

صرخة بلا صدى

في ليلة قمرية بسط القمر نوره فوق البيوت والطرقات، ينير الطريق للسائرين والعاشقين، فمنهم من لديه ذكرى جميلة مع القمر وهناك من يلعن هذا اليوم، إنها الحياة لا تُرضي جميع الأطراف. 


جلست "سديم" كعادتها وحيدة في غرفتها تُقلِب ذكرياتها التي أصبحت تتساوى فيها الذكريات القبيحة مع الذكريات الجميلة، ووضعت ألبوم الصور في الدولاب وخطت بعض الخطوات إلى الشباك نظرت إلى القمر ونزلت منها دمعة دافئة على خديها وجلست على الأريكة الموجودة بجانب الشباك حيث كان نسيم الهواء يداعب خصلات شعرها الأسود، هذا الهواء الذي مسح دمعتها ورسم البسمة على شفتيها حتى سمعت صوتًا بالخارج: سديم هل مازالتِ مستيقظة؟


_ سوف انتظر قليلًا.


_ من الأحسن لك أن تنامي. 


لم تهتم لكلامه وظلت تنظر إلى القمر، أما الصوت فكان لزوجها "صخر" الذي ترك كل شيء من أجل ألعاب الفيديو، فهو حينما يعود من عمله في الرابعة عصرًا يتناول طعام الغداء وينام حتى المغرب ويبدأ في تجهيز الجلسة من عصير وسجائر وأشياء أخرى ويسهر حتى الثالثة صباحًا، كانت هذه هي حياة سديم وصخر.


استقيظت سديم فجأة على صوت غريب يأتي من حظيرة البهائم، فتبحث وتنادي على صخر، ظهر شخص غريب يمسك بعنزة صخر.


قالت: إنه لص يا صخر، هناك لص يسرق عنزتنا، تحرك يا رجُل.

 

جاء الرد سريعًا من صخر: إنها عنزة مريضة وأصبحت من فترة عقيمة، إنها تأكل كل شيء ولا نأخذ منها شيء، دعِ اللص وشأنه.


أضاف: لقد شاهدت في الأخبار أن الأمن يَعُم منطقتنا ولا يوجد بها لصوص وأنا أصدق أخبار الحكومة ولا داعي لتناول المقليات مرة ثانية على العشاء لأنها تصيبك بالهلاوس. 


في الليلة التالية تجرأ اللص أكثر بعد أن كان يسرق من الحظيرة، هذه المرة دخل البيت وبالتحديد غرفة سديم وقال اللص لها: لقد سمعت صوتك، كان ملائكي جذبني إليكِ وأنا الليلة في غرفتك.


انتفضت سديم ونادت على صخر: أنقذني يا زوجي أنقذني يا صخر، إن اللص بالغرفة إنه يقترب مني، يقترب أكثر وأكثر، لقد رفع الغطاء، ساعدني يا صخر لقد بدأ في اللمس والهمس يا صخخخخ... ولم تستطع تكملة الاسم. 


جاءها الرد من الصالة سريعًا: هذا اللص لا ينتمي لعالم الرجال لو كان يملك نظر حاد ما كان ليقترب منك، أنا لا أعرف هل جُننتُ عندما فكرت بالزواج من فتاة تدعى سديم، إنها كانت كالضباب الذي يخيم على المكان، نامي يا شبورة حياتي وفي الصباح الباكر سوف أذهب إلى مأذون الحي لأضع حدًا لهذه التهيؤات.


لقد ماتت سديم. 


في الليلة الأخيرة دخل اللص الصالة، إنها بمثابة ساحة السهر لصخر وبدون مقدمات دخل ليفُك أسلاك البلايستيشن، شاهد صخر هذا وقد جُن جنونه وأسرع إلى المطبخ وأحضر سكين كبيرة وخرج من باب المطبخ شاهرًا سلاحه، فوجد اللص يصوّب البندقية تجاهه وقال له إذا تحركت خطوة واحدة ستخترق الرصاصة رأسك، لا تتحرك خارج هذه المنطقة، وحَمَل البلايستيشن وهرب بعيدًا. 


ذهب صخر إلى الشباك وصرخ: لقد أخذتني على غفلة ولن أترك ما حدث يمُر مرار الكرام، ولن أسكت، وسوف أنال منك وأقطعك أربا وانتظر سوف أزج بك في السجن.


دخل صخر الصالة وأجرى اتصالًا هاتفيًا مع الشركة الإلكترونية لترسل له على الفور أحدث أجهزة البلايستيشن.

تعليقات