القائمة الرئيسية

الصفحات

تقسيم المسجد الأقصى وخطط الصهاينة لتهويده

كتبت: هالة خالد

تقسيم المسجد الأقصى وخطط الصهاينة لتهويده

يسعى الاحتلال الصهيوني بكل قوته، منذ احتلال فلسطين، إلى إزالة المسجد الأقصى من الوجود بكامل مساحته الـ144 دونم "الدونم يساوي ألف متر مربع"، وتأسيس هيكلهم المزعوم مكانه. وعلى مدار السنوات، كان العائق المركزي والأهم أمام الصهيونية الدينية، هو كيفية تحويل هذا الإحلال الذهني إلى واقع ملموس، وتحويل أحلامهم وهذا الهدف إلى إحلال حقيقي في ظل الواقع الإسلامي القائم، فكانت المرحلية هو ما تم على مدار هذه السنوات.


كان المسجد الأقصى المبارك، في البداية، مسجد إسلامي خالص، ولكن بعد الاحتلال، أعاد الصهاينة تعريف المسجد على أنه مقدس مشترك بين المسلمين واليهود؛ تمهيدًا لإنهاء كل وجود إسلامي فيه فيما بعد، حيث أن ما يريده الاحتلال في هذه المرحلة، هو اقتصار المسجد الأقصى المبارك على المصلى القبلي فقط "ذي القبة الرصاصية" وبالتالي، حصر القدسية الإسلامية فيه، وحصول اليهود على باقي المساحة المسورة الكبيرة البالغة 144 ألف متر مربع.


لكن المسجد الأقصى وكل ما داخل السور ومساحة الـ144 ألف متر مربع بكل الساحات والمصليات هو مقدس إسلامي خالص مهما حاول الاحتلال إثبات غير ذلك.


تبلورت المرحلية لتقسيم المسجد الأقصى وتهويده إلى ثلاث مشاريع:


الأول - هو التقسيم الزماني: فالتقسيم الزماني يعني تخصيص أوقات معينة لدخول اليهود للمسجد الأقصى وأوقات أخرى لدخول المسلمين، سواء اقتسام عدد ساعات اليوم أو ايام الأسبوع واقتسام السنة بينهم.


من أشكال التقسيم الزماني هي الاقتحامات اليومية لليهود على فترتين من الساعة الـ7 صباحًا وحتى الساعة الـ 11صباحًا، ويتكرر الاقتحام مرة أخرى في فترة الظهيرة من الساعة 1 ظهرًا حتى الساعة 2:30، وتكون هذه الاقتحامات يوميًا، عدا يوم الجمعة والسبت، حيث يتم منع دخول المسلمين في هذه الأوقات وفرض تشديدات أمنية كثيفة على أبواب المسجد الأقصى وتتم عملية الاقتحام بحماية مشددة من قوات وشرطة الاحتلال داخل المسجد.


الشكل التاني من التقسيم الزماني هو تخصيص المسجد الأقصى المبارك لليهود فقط في أيام أعيادهم البالغ عددها نحو 100 يوم في السنة، فيتم اقتحام المسجد بأعداد كبيرة وضخمة تتخطى الآلاف، ويتم منع دخول المسلمين من فجر يوم عيدهم حتى انتهاء فترة الاقتحامات، بل يصل الأمر إلى منع إقامة صلاة العشاء وفرض التشديدات الأمنية من ليالي أيام الأعياد الصهيونية.


بدأت هذه الاقتحامات اليومية منذ عام 2003، وكانت اقتحامات فردية، ومن عام 2006 تحولت إلى اقتحامات جماعية، ثم وصل الأمر في عام 2008 إلى الإعلان عن أوقات محددة للاقتحام، وأصبحت في وقت الضحى وبعد صلاة الظهر ومن ثم توسع الأمر بالتدريج لتصبح خمس ساعات ونصف يوميًا، بعد أن كانت أربع في بداية فرضها.


أما في عام 2012، أعلنت الصهيونية الدينية عن هدفها تجاه ذلك التقسيم بفكرة التقاسم التام ومنع المسلمين من دخول المسجد في أوقات الاقتحامات (أوقات اليهود) وتوزيع أوقات اليوم والأعياد السنوية بالتساوي بين المسلمين واليهود، وهذا ما أفشله الفلسطينيين في هبّة القدس عام 2015 وهبّة باب الأسباط عام 2017.


ثانيًا - التقسيم المكاني: وهو يعني تخصيص أماكن محددة في المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته البالغة 144 دونما، للطرفين المسلمين واليهود، ويهدف الاحتلال إلى تخصيص أجزاء ومساحات محددة يقتطعها الكيان الصهيوني ليتم تحويلها لكنائس يهودية لأداء صلواتهم فيها، فقام الاحتلال خلال السنوات السابقة بتحديد طرق ومسارات خاصة باليهود داخل المسجد وبَسط السيطرة والقوة على جميع المساحات والساحات المفتوحة في المسجد الأقصى.


كما أصدر اليهود وثيقة على اقتصار الجزء المخصص للمسلمين، هي المصليات المسقوفة فقط، مثل المصلى القبلي ذو القبة الرصاصية ومصلى قبة الصخرة ذو القبة الذهبية، فيسعى الاحتلال إلى تحويل الساحة الشرقية ومنطقة مصلى باب الرحمة إلى كنيس يهودي لإقامة صلواتهم المزعومة والتلمودية، فأصبح هذا المكان مخصص لأداء صلواتهم ويمنع منعًا باتًا اقتراب المسلمين أثناء اقتحاماتهم لهذا المكان.


ثالثًا - التأسيس المعنوي للهيكل المزعوم: صعدت هذه المرحلة منذ عام 2020 في محاولة فرض كافة الطقوس التوراتية التي يفترض أن يمارسها اليهود بعد إقامة الهيكل فعليًا، وبعد عجز الاحتلال الصهيوني عن هدم المسجد الأقصى المبارك وإقامة وبناء هيكلهم المزعوم، أصبح إقامة الهيكل معنويًا والتعامل على أنه قائم بالفعل، أمر واقعًا، فكانت من صور هذا التأسيس المعنوي هو نقل كافة طقوسهم التي تجري في الكنائس اليهودية إلى المسجد الأقصى بوصفه مركزًا دينيًا يهوديًا مزعومًا وإحياء الطقوس المختصة بالهيكل داخل المسجد الأقصى، مثل طقوس السجود الملحمي (الانبطاح على الوجه على الأرض) واقتحام الكهنة بملابس بيضاء ومحاولاتهم لإدخال القرابين النباتية والحيوانية.


وعلى مدار هذه السنوات وهذه المحاولات اصطدمت هذه المشاريع والمراحل بإرادة الرباط والمقاومة من الفلسطينيين عدة مرات، فعجز الاحتلال عن التقدم نحو منتهاه ونحو أهدافه.


بالتالي، الحاضنة الشعبية والدعم العربي للفلسطينيين قادر على كسر الاحتلال ومنعه من التقدم أكثر فأكثر.

تعليقات