القائمة الرئيسية

الصفحات

كيفَ أُقنِعُ العالَمَ بِكَ؟

بقلم: شيماء عبد الشافي

كيفَ أُقنِعُ العالَمَ بِكَ؟

تتلَعثَمُ الكلماتُ، وتختلط العبارات، وتتلوَّى تحت أسنان التهكمات المتتالية، والضربات القاصمة، والنظرات الشذرةِ النَّذِرَة...


كيف لكَ أيُّها القلبُ الكئيبُ أن تُحِبَّ؟! وحينما تُحِب كيف لك أن تحب هذا؟!


ألم يعلموا أنَّ الحُبَّ قدرٌ يفرض ذاته، ويضعُ دستورَهُ، ويأتي بميثاقٍ -مِمَّن أودَعَهُ في مكمنه- أصلهُ "كُن"! سبحانك يا الله!


هناكَ أشياءٌ لا تُعرِبُ عن ذاتها الكلماتُ، وإنْ حاوَلَتْ أخطأَتْ في حَقِّ هذه الأشياءِ؛ لأنَّ أمامها تختفي الأسبابُ، وتُفتَحُ لِأجلِها الأصفاد.


يُلقونَ على عاتقي وابِلَ الأسئلة، لماذَا هوَ؟ لماذا هوَ؟ وتمتطي التحريات صهوةَ الجَواد بحثًا عن العِلَّة، والجواب. وينهال السياط بوشم الندبات، وخلق العاهات لاستقطاع الأجوِبَة...


يكادُ عقلي ينفجر! أيا صمامُ احترِس من وطأةِ الاستجواب. 


بِئسًا، تَهَتَّكَ الشُّريان، وانقطعَ الوريد، وأُحيلَ هذا القلبُ في التَّوِّ للتشريحِ.


لم يقفِ النَّزيف، لم يقفِ النَّبض... لم يُكتَمْ أبدًا صوتُ العِشقِ.


بلْ ظَلَّ القلبُ طريحَ الفِراشِ يُصارِعُ سكراتَ الموتِ البطيء.


عَجَزَتِ المباحِث، وَمَلَّتِ النِّيابَة، وتولَّى الطِّبُّ الشرعيّ النهايةَ.


إنَّهُ وقتٌ طويل لِيُعلَنَ التقرير، وما زالَ القلبُ ينبُضُ، وما زالَ النَّزيفُ.


فجأَة، توقَّفَ النبض.. بعدَ نُضُوبِ الدِّماءِ، ويخرُجُ التَّقريرُ فورًا: قد كان القلبُ صادِقًا في كُلِّ ما تَقَدَّم.


فبِرَسمِ القلبِ اسمُه، وبِنَبضِ القلبِ صوتُه، وبالتحليلِ بعد الموتِ تَبَيَّنَ أنَّهُ عِشقٌ بِلا سببٍ يُبَيِّنُ صِدقَ نِيَّتِهِ.


فَلَمْ يكذِبْ بأقوالِه، ولم يُدلِ بِأسبابِه؛ لأنَّ الحُبَّ إحساسٌ بلا تفسير، وليس هناكَ جدوى الآنَ للتقرير.


فقد ماتَ الجاني وسَلَّمَ رُوحَهُ لله، بعدما عانى كثيرًا لإقناعِ القَضاةِ، حينما نادى مِرَارًا: إنَّنِي بريء.. إنَّني بريء، وبعدما لاقاهُ من غرفة التحقيق، ذاكَ دَركٌ للمخاطِر في تبرير المشاعِر؛ للدِّفاعِ عن حقِّهِ في تبادُلِ الخواطِر، لإثباتِ أن حُبَّهُ قدَرٌ، وليسَ بِفِعلِ فاعِل...


أكتُبْ أيُّها الكاتِب: لَقِيَ القلبُ مصرَعَهُ بلا هويَّة.. سبب الموتِ سكتةٌ قلبيَّة، وسبب الحُبِّ حتى الآنَ مجهولٌ في القضيَّة.


رُفِعَتِ الجَلسَة...

تعليقات