القائمة الرئيسية

الصفحات

نشاط مائي على الكوكبِ الأحمر

كتبت: إيمان حاكمهم

نشاط مائي على الكوكبِ الأحمر

اعتقد العلماءُ أنَّ كوكبَ المريخ (الكوكب الأحمر) كان يأوي مياه سائلة وفيرة منذ ثلاث مليارات سنة، ولكن بسبب التغيّرات المناخية الدراماتيكية تجمّد الكثير منه، حيث أنَّ الجليد الآن محبوس في أعمدة، وتُرِكَ الجزء الأكبر من الكوكب جافًّا.


دليلٌ علَى وجودِ الماءِ على كوكب المريخ


وجدت مركبة زورونغ الصينية ماءً على أسطح الكثبان الرملية للكوكب الأحمر، وذلك عن طريق توفير دليل رصدي رئيسي للمياه السائلة عند خطوط العرض المنخفضة للكوكب الأحمر. 


كما أظهرت دراسة قادها البروفيسور تشين شياوجوانغ من معهد الجيولوجيا والجيوفيزياء التابع للأكاديمية الصينية للعلوم. وشارك في الدراسة باحثون من المراصد الفلكية الوطنية التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم ومعهد فيزياء الغلاف الجوي التابع للأكاديمية ونشرت مجلة science Advances بتاريخ 28 أبريل من تحليل الصور والبيانات المرسلة من قِبل زورونغ ورفيقه المداري Tianwen، أنّ كمّيات ملحوظة من المناطق القطبية الجليدية للكوكب تتدفّق إلى خطوط العرض المنخفضة قبل بضعة ملايين من السنين، واستقرّت فوق كثبان يوتوبيا بلانيتيا. 


يوتوبيا بلانيتيا مايو 2021


تحرّكت زورونغ إلى نصف الكرة الشمالي للمريخ في مايو 2021، بالقرب من أربعة كثبان قريبة على شكل هلال في منطقة يوتوبيا بلانيتيا للتأكّد من تكوين سطحها وجميع الخصائص الجيولوجية الأربع المصغّرة التي شكّلتها الرياح، فهي مغطّاة بقشور أرضية وأخاديد رفيعة ومتصدّعة في كل مكان، تكوّنت بفضل ذوبان الجيوب الصغيرة من المياه الحديثة في وقت ما بين 1.4 مليون سنة إلى 400 ألف سنة وفقًا للورقة البحثية الجديدة.


الدراسات القديمة والدليل على وجود الماء على المريخ


ذكرت الأبحاث والدراسات السابقة وجود الماء بكمية كبيرة من السائل في بدايات الكوكب الأحمر، لكن مع هروب الغلاف الجوّي للكوكب الأحمر المبكّر خلال الفترة اللاحقة وتغيّر المناخ بشكل كبير ونتيجة للضغط المنخفض للغاية ومحتوى بخار الماء، يصعب وجود الماء السائل بشكل مستدام على الكوكب الأحمر اليوم، وهذا الاعتقاد ظلّ سائدًا على نطاق واسع بأنّ الماء لا يوجد إلّا في الحالة الصلبة والغازيّة فقط.


مع ذلك فقطرات الماء التي لُوحظت على كاميرا الذراع الآلية (لا فينيكس) تُثبت أنّ الماء السائل المالح يمكن أن يظهر في الصيف عند خطوط العرض العالية الحالية على الكوكب الأحمر.


الظروف المناخية المناسبة لوجود الماء


إنّ الظروف المناخية المناسبة لوجود المياه السائلة يمكن أن تحدث لفترة وجيزة في مناطق معينة من كوكب المريخ، وحتّى الآن لم يظهر أي دليل على وجود الماء السائل عند خطوط العرض المنخفضة على سطح الكوكب الأحمر، وعلى ذلك فإنّ النتائج التي تم الحصول عليها من مركبة زورونغ تملأ هذه الفجوة.


استخدم الباحثون البيانات التي تم الحصول عليها بواسطة كاميرا الملاحة والتضاريس، في دراسة الخصائص السطحية ذات المقاييس المختلفة والتركيبات المادية للكثبان الرملية في منطقة الهبوط على الحافة الجنوبية لسهل يوتوبيا بلانيتيا، ووجدوا بعض السمات المورفولوجيا الهامّة على أسطح الكثبان الرملية، مثل القشور الأرضية والأخاديد والحبيبات والتلال المتعددة الأضلاع، وأثر يشبه الشريط. 


كما كشفت تحاليل البيانات الطيفية أن طبقة الكثبان السطحية غنية بالكبريتات المائية والسيليكا المائية ومعادن أكسيد الحديد، وربّما الكلوريدات.


هل يمكن أن توجد حياة على كوكب المريخ في المستقبل؟


ذكر البروفيسور شياو جوانغ، وفقًا لبيانات الأرصاد الجوية التي تم قياسها بواسطة مركبة زورونغ وغيرها من روّاد كوكب المريخ، استنتج أنّ خصائص سطح الكثبان الرملية مرتبطة بالمياه المالحة السائلة المتكوّنة من ذوبان الصقيع على أسطح الكثبان الرملية المحتوية على الملح عند حدوث التبريد. 


وتسبب الأملاح في الكثبان الرملية ذوبان الصقيع في درجات حرارة منخفضة لتكوين ماءً سائلًا مالحًا، وعند جفاف الماء المالح تترسّب الكبريتات المائية وأكسيد الحديد والمعادن الأخرى مع جزيئات الرمل، لتشكيل تجمّعات الرمل والقشرة، ثم تتشقّق القشرة نتيجة للانكماش.


وتكرار ذوبان الجليد يشكّل مزيدًا من التلال المتعددة الأضلاع، وأثرًا يشبه الخطوط على سطح القشرة، ويشير مقدار عمر الكثبان الرملية، نحو أكثر من مليون سنة والعلاقة بين مراحل المياه الثلاثة، إلى انتقال بخار الماء من الصفيحة الجليدية القطبية باتّجاه خط الاستواء خلال مراحل الانحراف الكبيرة في أواخر فترة الأمازون المريخيّة، وأدّى إلى تكرار البيئات الرطبة عند خطوط العرض المنخفضة، لذلك تم اقتراح سيناريو للنشاط المائي، أي أنّ التبريد عند خطوط العرض المنخفضة خلال مراحل الميل الكبيرة للمريخ يؤدّي إلى تساقط الصقيع، وبالتالي ينتج عنه تكوين القشور الأرضية والتراكمات على سطح الكثبان الرملية المالحة، وبالتالي تصلّب الكثبان، والتي تترك آثارًا لنشاط الماء المالح السائل.


يفيد هذا الاكتشاف أدلة رصد رئيسية للمياه السائلة عند خطوط العرض المنخفضة للمريخ؛ حيث تكون درجات الحرارة أكثر دفئًا نسبيًّا، وأكثر ملاءمة للحياة منها في خطوط العرض المرتفعة.


قال البروفيسور تشين: "هذا مهم لفهم التاريخ التطوري لمناخ المريخ، والبحث عن بيئة صالحة للسكن وتقديم أدلّة رئيسية للبحث في المستقبل عن الحياة على كوكب المريخ أو الكوكب الأحمر".

تعليقات