لقد كُنتَ تسكنُ بين ضلوعي كزهرةٍ جميلةٍ أسقيها بماءِ الحُبِّ والأملِ، لكنَّك يا سيدي تمرَّدتَ على قلبي وتَبدَّلَت أحوالك، فغادرتني وتركت قلبي بين رُكامِ الحزنِ والغضبِ، كنتُ أظنُّ أنَّني أسكنُ في ظِلِّ قلبِك وأنَّك تُظَلِّلُ فؤادي بأغصانِ قلبك، لكن تلك الأغصان كانت هي أوَّلَ من ألقَى بي بين صَهْدِ الأيَّامِ وهَجِيرِ الليالي.
حينها استيقظتُ على ألمٍ يحاصرني مِن كُلِّ ناحيةٍ، بحثتُ عنك فلم أجدك، وفي ذلك الوقت تذكّرتُ أنَّك دائمًا تقول: "كُن خائنًا تكُن أجمل"، لا يا سيدي، فالحقُّ يُقال "كُن خائنًا، تكُن أقذَر، تكُن أقبَح، تكُن أَشَدَّ إيلامًا لِمَن أحبَّك"، الآنَ يقطرُ من قلمي ألمٌ يسكنُ رُوحي بدلًا عنك، فقد كنت أنتَ مَن يسكن تلك الرُّوح، لكنك الآن غادرتني، وتركت مكانك عواصفَ من الحزنِ والغضبِ.
لا تعتقد أنَّ هذا الحزن عليكَ، لا وألف لا، فالخائنُ لا يستحقّ الحزن، الخائن لا يستحقّ الغضب، بل هو على نفسي ومنها في ذات الوقت، أشعرُ بالأسفِ منها ولها، فكم من المرَّاتِ أخبرتها أنَّكَ لا تُؤتمَن، لكنها لا تصدّق فيكَ السوء أبدًا، حتى بعدما رأت بأمِّ عينيها، فكيف لا ترغب بالتصديق! أمَّا هذا القلب المشرد أصبحَتْ تتقاذفه الأيام والليالي، لكن اطمئِن، فلا أنتَ ولا قلبك هنا، لقد غادرتُكَ كما غادرتني، ولن أغفرَ لك ما حييت، فالخائن لا يستحقُّ الغفرانَ، وخاصةً أنت. كلّ مرّةٍ تعود فيها كان قلبي بانتظارك فاتحًا ذراعيهِ ليضمّك حينما تعود، أمَّا الآنَ فقد كسرتَ أنتَ تلك الأذرُع قبلما تغادر، لقد حطَّمتَ هذا الأملَ الذي كان يسقي الحُبَّ ليعيش، ذَبُلَتْ زهرةُ الحُبِّ وماتت وحيدةً على أطلال قلبٍ مُحطَّمٍ، ولكنَّها خلفت مكانها بركانًا لا تستطيع الاقتراب منه، ولا حتى النظرَ إليه، الآن وحينما غادرتُك أصبحَتْ حياتي غير التي كانت، وأصبحتُ أنا غير التي تعرف، أصبحتُ امرأةً بلا قلبٍ، بلا حُبٍّ، بلا حياةٍ، ذلك الذي بداخلي صنع مني شخصًا آخرَ لا أعرفهُ، لكنَّني أُحبهُ، نعم أُحِبُّ ما أصبحتُ عليه، حتى إنَّني أرغبُ في إرسال باقةٍ من زهور الياسمين إليك.