كتب: محمد عبد الرحمن
كان السودانيون يعيشون أوضاع اقتصادية صعبة وضيقت حكومة المخلوع "البشير" على الشعب بعد تدهور الاقتصاد وزيادة أسعار الخبز والوقود وظهرت الأزمات الاقتصادية الكبيرة التي أثرت على حياة المواطنين بشكل مباشر، انعدم الخبز والدواء والوقود والغاز والمواصلات وارتفعت نسبة الصفوف وفقدت البنوك السيولة والأوراق المالية وأشارت الأوضاع إلى احتقان يقود إلى انتفاضة شعبية قادمة.
في صباح 6 ديسمبر، عام 2018، خرج طلاب وطالبات مدارس مدينة مايرنو إلى الشوارع يهتفون ضد الغلاء وارتفاع أسعار الخبز وانعدامه، وأحرقوا الإطارات في الشوارع وأغلقوا الطريق الرئيسي الذي يربطهم مع سنجة، مشعلين ثورة ديسمبر المجيدة في السودان، متحديّن نظام الإنقاذ وقمعه الذي استمر 30 عامًا في السودان، أطلقوا هتاف الخلاص من الأوضاع الاقتصادية الطاحنة، حالمين بمستقبل مشرق وعيش حياة كريمة في وطنهم وكان هتاف الأطفال أول مسمار دُق في نعش نظام الإنقاذ.
انتقلت الاحتجاجات بعد مايرنو إلى مدن الدمازين وعطبرة وبقية مدن السودان؛ مطالبين بإسقاط نظام المخلوع "البشير".
تصاعدت الاحتجاجات في مختلف المدن وقام ثوار عطبرة بإحراق مقر المؤتمر الوطني "الحزب الحاكم وقتها"، والذي يمثل نظام الإنقاذ، وانتظمت المواكب في الخرطوم، بداية من الأحياء إلى المدن المركزية التي كانت تقابل قمعًا مفرطًا من قبل قوات الأمن وسقط الكثير من الشهداء برصاص النظام البائد، وبعد 5 أشهر وفي مليونية 6 أبريل 2019 التي حضرت فيها كل مدن السودان والتي توجهت إلى القيادة العامة وحاولت قوات الأمن لنظام الإنقاذ فض الاعتصام بالقوة وتصدى لهم ضباط قليلون من الجيش بالسلاح.
سقط نظام المخلوع "البشير" في 11 أبريل 2019 وأعلن مجلس عسكري من الجيش بقيادة البرهان انحيازه للثورة ولم يخرج الشعب من القيادة وطالب بحكومة مدنية كاملة، بدت نوايا المجلس العسكري واضحة في المراوغة والالتفات على الثورة بقيادة اللجنة الأمنية للنظام البائد وبعد شهرين من الاعتصام، تم فض الاعتصام بالقوة المفرطة وسقط الشهداء بالرصاص وتم قطع الإنترنت لشهر كامل في السودان وأتت مليونية 30 يونيو التي خرجت فيها كل المدن متحدية قمع المجلس العسكري الذي تراجع عن انقلابه الأول وأعلن التفاوض مع قوى الحرية والتغيير التي كانت تقف مع مطالب الشارع.
ماذا تحقق حتى الآن
في 17 أغسطس من العام 2019، تم توقيع الدستور بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري، على أن تكون مدة حكم العسكر سنة ونصف والمدنيين سنة ونصف، بعدها التوجه إلى انتخابات، فترة العسكر لم يتحقق فيها أي شيء من أهداف الثورة، غابت العدالة ولم تَتِم محاسبة قادة النظام البائد على فسادهم ولا جرائمهم واستمرت المحاكم معهم إلى اليوم وأطلق سراح الكثيرين منهم، ولم يتم هيكلة قوات الأمن من شرطة وجيش وجهاز المخابرات ولم يتم دمج قوات الدعم السريع مع الجيش ولا الحركات المسلحة التي أتت عبر الثورة الشعبية ووقفت ضدها.
ساءت الأوضاع الاقتصادية في السودان وبات الشعب يعيش حياة صعبة للغاية وفي تدهور مستمر وغلاء لا طاقة له به وارتفعت وتيرة القتل في الأحداث القبلية والاحتجاجات للثوار بعد انقلاب الجيش في أكتوبر 2021 ووصل عدد الشهداء في عام إلى 122 شهيد برصاص قوات الانقلاب.
بعد أكثر من عام، وقَّعت الأحزاب مجددًا اتفاق سياسي لإنهاء الانقلاب، أكد بأن النُخب والأحزاب والعسكر هم التحدي الكبير للشعب السوداني الذي وجب عليه التنظيم بصورة أكبر ووضع مواثيق لجان المقاومة أمامه من أجل الخلاص وتحقيق أهداف الثورة وجنيّ ثمار التغيير بتحقيق العدالة والسلام والحرية.