القائمة الرئيسية

الصفحات

السودان: أي اتفاق سياسي لا يدعمه الشعب ويوافق عليه لن يُكتب له النجاح

كتب: محمد عبد الرحمن 

السودان: أي اتفاق سياسي لا يدعمه الشعب ويوافق عليه لن يُكتب له النجاح

أكدت الحرية والتغيير قبل قليل في مؤتمر صحفي، أنهم اتفقوا على سُلطة مدنية كاملة على كافة مستويات الحكومة الانتقالية المقبلة وإنشاء جيش وطني موحد ودمج كل المليشيات فيه وتعديل اتفاق سلام جوبا؛ الاتفاق السياسي بين قادة الانقلاب من العسكر والحرية والتغيير وباقي القوى السياسية مستمر لأكثر من 4 شهور، أي في منتصف يوليو عندما أعلن البرهان وقتها أنه منح الفرصة للمدنيين لتشكيل حكومتهم وقد قام بحل مجلس السيادة.


لم يُعِر الثوار ولا لجان المقاومة حديث البرهان وقراراته أي اهتمام، بل واصلوا الحراك الثوري لإسقاطه وبناء الدولة المدنية من نقاط ومواد ومواثيق تأسيس سلطة الشعب التي وضعتها لجان المقاومة وأبرز ما فيها أن يتم إلغاء كافة الاتفاقيات منذ سقوط نظام المخلوع "البشير" وأن يكون الحكم مدنيًا بالكامل وأن تتحقق العدالة ويحاسب رؤوس الانقلاب.


الآن، التسوية السياسية تمضي في السودان مع ارتفاع الغضب الشعبي في الشوارع بعد أن قتلت قوات الانقلاب 119 شهيد في عام بالرصاص الحي واستمرت لجان المقاومة في تنويع شكل النضال المقاوم للانقلاب من أجل إسقاط البرهان ومن معه وتنظمت اللجان بشكل واضح وتضخمت الحشود وبات الأمر واضحًا أنه من الصعب أن تسيطر على الشارع أو توقف شعبًا بالرصاص والقمع المفرط وكان شعار لجان المقاومة هو أن لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية ومتجاوزين القوى السياسية التي أعلنت أنها أقامت اتفاقية وتسوية سياسية مع قادة الانقلاب.


مطالب الشارع السوداني


هذه التسوية ولدت من مقترح دستور نقابة المحامين ولجنتها التسيرية وقد وقَّع العسكر على الدستور وأشادت البعثة الأممية للانتقال الديمقراطي في السودان به ووجد دعمًا من الإيقاد والاتحاد الأفريقي وقد رفضتها لجان المقاومة وأعلنت المضي قدمًا في مشوار الثورة وتحقيق الحكم المدني والوصول إلى العدالة وإنهاء عهد الانقلاب العسكري في السودان إلى الأبد وتحقيق كافة المطالب.


من أهم أهداف الثورة السودانية وتحقيقه يعني النجاح الحقيقي للثورة وليس التسويات السياسية التي تمنح شراكة في السلطة بين العسكر والمدنيين وعلى الرغم من التنازلات التي قدمها العسكر والقبول برئيس وزراء مدني له صلاحيات وزير الدفاع وبيده السلطة المطلقة وتشكيل حكومة مدنية كاملة، إلا أن بنود منح العسكر حصانات وعدم محاسبتهم على الجرائم التي ارتكبوها منذ توليهم السلطة، هذه الحصانات رُفِضَت من الشارع السوداني والثوار وأسر الشهداء ولم يقبلوا بأن يحاسب القتلة من الجنود الذين صوبوا الرصاص مباشرة.


هذه الحصانات لا تحقق العدالة ولا توقف الموت في السودان ولا تمنح أيّة أمل في أن يستمر الانتقال الديمقراطي وفترته دون أن يَقتُل العسكر الشعب السوداني وابناءه وأن تمارس الانتهاكات البشعة ضد المدنيين كما حدث في السنوات الأخيرة.


من الصعب جدًا أن تضمن البرهان وحميدتي؛ فلهم من الغدر ما يكفي للمدنيين الذين آمنوا بأن التغيير الحقيقي هو الحل وأن التسويات والإصلاح ليس حلًا وأن يبتعد البرهان ومن معه عن السلطة ويحاسب وأن أي تسوية لا يدعمها الشعب لا يكتب لها النجاح.

تعليقات