القائمة الرئيسية

الصفحات

"السيلفي" تحضُر أم نرجسية

بقلم: رانيا مسعد

"السيلفي" تحضُر أم نرجسية

دخلت التكنولوجيا حياتنا فاحتلتها وأفسدتها، ومن خلف الشاشات صار الناس يتواصلون ويتفاعلون بأشكال مختلفة، منهم من طغت التكنولوجيا على يومه، فأصبح يشارك الجميع كل لحظات حياته، من خلال ما يُعرف بـ"السيلفي Selfie" من خلال تطبيقات عديدة كإنستجرام وغيرها. 


في السطور التالية سنحاول مناقشة هل السيلفي مرض أو اضطراب نفسي؟ وهل يرتبط بالنرجسية؟


مصطلح «سيلفي» ظهر لأول مرة في قاموس أوكسفورد عام 2013، وسرعان ما أصبح كلمة العام. إلا أن صور السيلفي ترجع إلى عصر ظهور التصوير الفوتوغرافي.


التُقطت أول صورة سيلفي عام 1839، على يد الأمريكي روبرت كورنيليوسبات. 


التقاط صور السيلفي عادة يوميّة لملايين البشر الذين يولون أهميّة كبيرة للمظاهر والمعلومات الفوريّة ويتقنون التلاعب بالمشاعر ومحو المسافات، وهي ممارسات سائدة في عالم افتراضي قد تكون وخيمة العاقبة.


هذه الصور اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، وهي توفر تواصلًا لنا مع عدد كبير من الأشخاص، والمنطق وراء تلك الصور يقوم قبل أي شيء على إيجاد أو تعزيز الرابط مع المجتمع أو المعجبين في حال كان الشخص مشهورًا أو مع المواطنين في حالة الساسة.


قد يكون الهدف من الصور الذاتيّة هو تحسين مستوى الرضا لدى الأشخاص، إذ أنَّها تلتقط عادة في وضعيّات تثير إعجاب المُتفرّج، وتتيح هذه التقنية للأشخاص التحكم الكامل بصورهم.


تمثّل صور السيلفي تجارة قائمة بذاتها وأداة تواصل لنجمات ونجوم مثل محمد صلاح وكيم كارداشيان، التي يتابع حسابها على أنستجرام 142 مليون شخص.


السيلفي والنرجسية


يقول فرويد أن القليل من حُب الذات أمر طبيعي. لكن الأمر قد يتحول إلى مرض نفسي، عندما يحب المرء نفسه لدرجة تفقده القدرة على حب الآخرين. وهذا هو معنى النرجسية.


النرجسية هي حالة نفسية يتملّك المريض بها شعور مبالَغ فيه بأهميته، فضلًا عن حاجة عميقة إلى زيادة الاهتمام والإعجاب، واضطراب العلاقات، وانعدام التعاطف مع الآخرين، ولكن خلف هذا القناع من الثقة المبالَغ فيها، تكمن ثقة هشة بالنفس تجعله ينهار أمام أقل قدر من الانتقاد.


يشير علماء النفس إلى بعض علمات النرجسية كما يلي:


- يميل النرجسيون إلى النشاط الزائد على مواقع التواصل الاجتماعي.


مشاركة صور السيلفي ترتبط بالحب الزائد للذات.


- بشكل عام، النساء أقل نرجسية من الرجال، إلا أنهن يشاركن صور السيلفي بشكل أكبر.


- إن النرجسية في تزايد، حتى أنها زادت في العقود الأخيرة بنفس معدل زيادة السمنة.


- تبين الدراسات أنّ الأشخاص المدمنين على تصوير السيلفي، وقضاء وقت طويل في تعديل الصور، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعية، يرتكز اهتمامهم على ذاتهم بشكل أكبر، ويعتقدون أنهم أكثر ذكاءً وجاذبية، وأفضل من الآخرين. وتوجد لديهم مشاكل في الشعور بالأمان، بالإضافة إلى بعض سمات معاداة المجتمع، والميل إلى تضخيم الذات.


- تشير نتائج دراسات أخرى إلى أن حالة الإدمان على السيلفي هي حالة من عدم الثقة بالنفس، وأشارت دراسات نفسية إلى أنّ كثرة التقاط صور "السيلفي" يُعدّ نوعًا من أنواع الخلل النفسي.


- يرى علماء النفس أن هذه الظاهرة مؤشر لحالة إدمان ناتجة عن تعويض النقص في محبة وإعجاب الآخرين، فكلما حصلت الصورة على إعجابات أكثر، فَسرها ملتقط السيلفي بإعجاب الآخرين به، يشعر بأن الجميع عليهم الإصغاء، لا يهمه إن كانت آراءهم إيجابية أم سلبية أو ماذا يريد هؤلاء قوله.


الجانب الإيجابي للسيلفي


 من ناحية أخرى، يمكننا تفسير هذا السلوك بأنه إيجابي صحي يعكس المشاعر السعيدة واللحظات الرائعة التي يمر بها الفرد، بالإضافة لحب الذات الإيجابي والاهتمام بالشكل والهِندام بصورة غير مبالغ فيها. فالتصوير الذاتي هو محاولة تضاف إلى محاولات الإنسان لتأييد ذاته وحُبها من خلال تسجيل صوته واحتفاظه بمقاطع فيديو للحظاته المهمة، فيواصل التقاط صوره إلى ما لا نهاية وتوثيق لكل لحظاته ومناسباته الخاصة وبكل متعة، فهو لا يفسر بأنه أنانية أو فردية بل هو فن مستمر يصور الحياة اليومية، ونوع من أنواع التواصل الاجتماعي والتعبير عن الذات.  


في النهاية، السيلفي ظاهرة حديثة، ولها جانب سلبي وآخر إيجابي، المهم هو كيف نستخدمه، ومقدار استخدامنا له، فنحن نمتلك التكنولوجيا، وهي لا تملكنا.

تعليقات