كتبت : ماري كميل
الريموت كنترول والراديو وأشعة إكس والكهرباء ودينامو السيارات والموبايل والمصابيح الفلورسنت والإنترنت، كلها اختراعات من عقل العبقري نيكولا تسلا، العالم الذي كرّس حياته للعلم والاختراعات دون الربح منها، على عكس علماء كثيرين في جيله.
وُلِد نيكولا تسلا في العاشر من يوليو 1856 بمنطقة موجودة حاليًا في كرواتيا. كانت أمه من عائلة كلها مخترعين وكانت ذكية جدًا، دربت ابنها "نيكولا" على قوة الذاكرة، حيث عُرِف نيكولا تسلا بقوة ذاكرته وسِعة خياله لدرجة أنه في شبابه صار يتقن ست لغات، وقد نُسِب ذكائه لطريقة أمه في تعليمه.
من المواقف المؤثرة في حياته أنه وفي الخامسة من عمره رأى أخاه الأكبر وهو يموت أمام عينيه أثناء سباق للخيول وصار هذا المشهد محفور في ذاكرته ويراه كثيرًا.
نبوغ تسلا في العلوم والرياضيات ظهر منذ طفولته.
في عام 1875 حصل تسلا على منحة دراسية والتحق بجامعة جراتس للتكنولوجيا في النمسا، كان يحقق إنجازات كثيرة في دراسته لدرجة أنه استلم رسالة من أساتذته في الجامعة موجهة إلى والده مكتوب فيها "إذا استمر تسلا في الجامعة سيموت من كثرة الإجهاد".
بالرغم من اجتهاده؛ لم يتخرج من الجامعة لأنه كان يصرف أموال المِنحة على الألعاب السيئة الرِهان والقمار، ولم يكن مستعدًا لخوض آخر امتحان في الجامعة؛ لذلك اقترح على الجامعة تأجيل الامتحانات له ولم توافق، لكنه لم يكن يحتاج لأي شهادات لإكمال مسيرته لأنه كان أذكى من أساتذته.
في عام 1880 التحق بجامعة كارلوفا كمستمع فقط ولم يحصل على أي شهادة من هذه الجامعة، ثم سافر إلى فرنسا وعمل هناك في شركة إديسون لتصميم وتطوير الأجهزة الكهربائية ومن ثم ذهب لنفس الشركة ولكن الفرع الموجود في نيويورك وصار هناك مواطن أمريكي، كانت وظيفته أن يقوم بحل مشاكل الكهرباء في البيوت.
في عام 1885 عرض نيكولا تسلا على إديسون أن يعيد تصميم المولدات الكهربائية لأن هذه المولدات كانت تعمل بنظام التيار المستمر، أراد تسلا أن تعمل هذه المولدات بنظام التيار المتردد الذي سيجعل الكهرباء تصل لأماكن أبعد بصورة أسرع وأرخص، لم يقتنع إديسون بالفكرة، ولكنه عرض على تسلا مكافأة كبيرة إذا قام بتنفيذ الفكرة وبالفعل قام بتغيير نظام المولدات ولكن لم يكافئه إديسون واستفاد هو باختراع تسلا.
قدَّم تسلا استقالته وصار إديسون واحد من أعدائه بعد أن كان قدوته وبدأ الصراع بينهم على أي نوع من أنواع التيارات التي يجب أن تستخدمه الدولة بشكل كامل، وصل هذا الصراع لدرجة أن إديسون كان يكهرب الحيوانات مثل القطط والكلاب والفيَّلة بالتيار المتردد ليثبت للناس أن اختراع تسلا هو اختراع خطير وغير صالح للبيوت.
اهتم المهندس الأمريكي ورجل الأعمال "جورج وستنجهاوس" بأن ينافس إديسون عن طريق الاهتمام بتسلا واختراعاته، حيث اشترى من تسلا الكثير من اختراعاته، لكن تسلا كان غير مهتم بالصراع التجاري بين إديسون وجورج بل اهتم بالعلم فقط.
في القرن العشرين استخدمت الدولة نظام التيار المتردد لتوليد الكهرباء وتوصيلها لكل البيوت.
من أهم اختراعاته ملف تسلا وهو الأساس للتكنولوجيا اللاسلكية المستخدمة في الراديو إلى الآن وكان من الممكن أن ينسب هذا الاختراع لتسلا، لكن المهندس الإيطالي ماركوني سجل هذا الاختراع باسمه ولم يُقَدِر أحد العالم تسلا حينها.
من اختراعاته أولى محطات توليد الطاقة الكهرمائية من شلالات المياه لتوليد الكهرباء في نيويورك.
للأسف الشديد، هناك الكثير من الاختراعات مثل (الريموت، المحركات الكهربائية، الرادار، أضرار الأشعة السينية والدينامو) كلها اختراعات نُسبت لغيره من العلماء ولم تسجَل باسمه، بالرغم من أنه السبب الأول في اختراعها وهو صاحب أفكار كل هذه الاختراعات.
عاش تسلا حياته بدون زوجة وأولاد وكرّس حياته للعلم لم يكسب من العلم أي مال وقضى آخر 9 سنوات من حياته في فندق (نيوتر) في غرفة رقم 3327 وكانت رعاية الحمام البري في حدائق نيويورك هي هوايته وكانت تدفع شركة جورج وستنجهاوس ثمن إقامة تسلا في الفندق لترد له جميل ما صنعه مع هذه الشركة حين قطع الأوراق التي تثبت أنه هو صاحب فكرة التيار المتردد لكي ينقذ الشركة من الإفلاس مع أن اختراعه يساوي 300 مليون دولار في وقتنا هذا.
نيكولا تسلا عاش للعلم فقط لا لربح المال من وراءه حتى توفي عام 7 يناير 1943.