القائمة الرئيسية

الصفحات

حين يمرض الجسد والروح معًا ... الأمراض النفسجسمية

بقلم: رانيا محمود مسعد.

حين يمرض الجسد والروح معًا ... الأمراض النفسجسمية

يعلم الكثيرون أن الجسد‬ هو الذي يمرض ولا يعلمون أن ‫النفس‬ أيضًا تمرض، وألمها أشد أثرًا وأكثر ألمًا من ألم الجسد، ونفسيتك تتغير أحيانًا بسرعة كبيرة عندما تتعرض لموقف محزن أو مُحرج في حياتك الشخصية والاجتماعية وقد يصيبك ذلك بمرض عضوي.


من منا لا يشعر بآلام القولون عند التوتر أو الحزن؟ أو يرتفع ضغطه عند العصبية؟ حتى بعض أمراض الجلد تعد من الأمراض النفسجسمية.


 الأمراض النفسجسمية


هي أمراض مصدرها الرئيسي الجانب النفسي، ويذكر الدكتور محمد غانم، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس أن الأمراض النفسية قد تسبب أمراضًا جسمانية تسمى في عالم الطب النفسي أمراض "النفسجسمية"، وهي عبارة عن مجموعة من الأمراض العضوية الأصل فيها والسبب الرئيسي لها هي العوامل النفسية وقد تزيد من شدة الألم العضوي، هذه الأمراض ترتبط بشدة بالانفعالات النفسية والحالة الوجدانية للمريض، والأمثلة على تلك الأمراض كثيرة مثل (الذبحة الصدرية - ارتفاع ضغط الدم - الربو الشعبي - البول السكري - قرحة المعدة - الصداع النصفيالسمنة - حب الشباب - الصدفية".


توجد علاقة ماسة بين القلق النفسي والآلام المعوية والامعاء والإسهال، فالانفعال والقلق النفسي كثيرًا ما يرتد إلى داخل الفرد على شكل القلق والمتوتر ويكون أثره كبيرًا على الإفرازات المعوية وبالتالي تصاب هذه الأعضاء بالالتهابات والأمراض المختلفة، كما أن نوعية الشخصية ومميزاتها تكَّوّن الأرض الخصبة التي تساعد على الإصابة بتلك الأمراض، حيث أن الأطباء والنفسانيين أطلقوا على بعض الأشخاص وصف  الشخصية القرحية أو القلقة لأنها تصاب بالقلق الذي يؤدي إلى الإصابة بالقرحة إن كانت معوية أو بالمعدة، كما يتصف هؤلاء الأفراد بالكآبة والانطواء والعزلة، وهكذا اعتبر القلق المصدر الرئيس في الاضطرابات السيكوسوماتية - النفسجسمية، ومحصلة هذه الأمراض هو صعوبة التعبير عن التوتر والانفعالات السلبية التي يعاني منها الفرد بالكلام وإنما ترتد تلك الانفعالات لتعبر عن نفسها بأمراض جسمية مختلفة، بحيث يعجز الطبيب الجسمي المعالج عن إيجاد الحل الناجح لذلك، يحوله إلى المعالج النفسي.


كما تشير بعض الدراسات إلى أن هناك علاقة وثيقة بين نوع الشخصية ومميزاتها وبين الأمراض النفسجسمية التي يصاب بها الفرد، على سبيل المثال، الشخصية الهستيرية، كثيرًا ما تصاب باضطرابات جسمية حركية، أما الأفراد الذين يتصفون بالحساسية فإنهم يصابون بأمراض الحساسية ومنها الربو أو الطفح الجلدي، أما الذين يتصفون بالتضحية الذاتية فإنهم كثيرا ما يصابون بالروماتزم، والقلقون فإنهم يصابون بالقرحة وارتفاع ضغط الدم.


مع ازدياد ضغوط الحياة بصفة مستمرة والسعي الدائم وراء الماديات الضرورية في العصر الحالي والاحباطات التي تواجهنا بصفة كبيرة يوميًا وازدياد ظهور عدد الحالات المرضية العضوية التي لها جذور نفسية والتي لا تستجيب للعلاجات التقليدية بنجاح.


التفسير العلمي لكل هذه الأمراض السيكوسماتية هو عدم القدرة على التعبير عن الانفعال بالكلمة وتسمى الكسيثيميا، ومن ثم يظهر الانفعال على هيئة أمراض جسدية وكأنما الفرد بدلًا من البكاء بعينيه فهو يبكي بأحد أعضاء جسمه، مثل الجلد أو المعدة أو القولون.


أنواع الأمراض النفسجسمية


- القلق.


- عدم انتظام النوم.


- ازدياد سرعة ضربات القلب.


- آلام الذبحة الصدرية الكاذبة.


- الآلام المصاحبة لفترة ما قبل ميعاد الدورة الشهرية.


- القولون العصبي.


- قرحة المعدة والاثنى عشر.


- ارتفاع ضغط الدم العصبي.


- ضيق التنفس والربو الشعبي.


- الصداع النصفي.


علاج للأمراض النفسجسمية


لا يتم العلاج العضوي إلا إذا صاحبه علاج نفسي، فمن الصعب علاج قرحة المعدة بالعقاقير أو بعملية جراحية فقط دون الأخذ في الاعتبار الظروف النفسية التي أدت لظهورها بداية واستمرارها بعد ذلك، وبالتالي لابد أن يشترك الطبيب النفسي مع الطبيب المختص "حسب المرض" في العلاج حتى نضمن تمام الشفاء واستمراريته.


العلاج النفسي: يتم عن طريق الترويح عن النفس وذلك يكون بتفريغ الشحنات الكامنة في نفسية المريض عن طريق ممارسته لبعض الأنشطة التي يحاول أن يخرج من خلالها انفعالاته التي قد تؤثر بالسلب عليه ومن هذه الأنشطة:


- ممارسة الرياضة البدنية.


- الاستجمام واستغلال الفرص المتاحة للفسحة والترويح عن النفس.


- ممارسة رياضة التنفس، وذلك لتزويد الجسم بالأوكسجين الذي يساعد على التخلص من التوتر أو تقليله.


- ممارسة الاسترخاء الذي يساعد الجسم على التخلص من السموم والتوتر والقلق.


- الانشغال بمهارة معينة كالرسم أو الموسيقى أو الأعمال اليدوية التي كثيرًا ما تشغل الفرد أو القراءة…إلخ من النشاطات والمهارات التي يحبها الفرد.


- ممارسة النشاطات الاجتماعية المختلفة مثل الانضمام إلى الجمعيات أو النوادي.


- الاشتراك في رحلة أو سياحة مع الآخرين الذين يرتاح لهم الفرد.


- الاستعانة بكبار السن وأصحاب التجارب في الإرشاد وتوضيح الأمور المعقدة.


- الابتعاد عن اجترار المشاكل القديمة ومحاولة غلق الملفات المتعلقة بها.


- التسامح مع الآخرين وعدم التركيز على مواضع الاختلاف.


- الخروج إلى الخارج عند الشعور بتوتر وقلق.


- تكوين صداقات وعلاقات اجتماعية مريحة ومنسجمة مع تطلعات الفرد وأناس يتمتعون بالطاقات الإيجابية والبعد قدر الإمكان عن الأشخاص السلبيين.


- وضع توقعات لسلوك الآخرين بحيث تكون منطقية وواقعية لحماية الفرد من الصدمة عند حدوث عكس التوقعات غير المنطقية التي يضعها لنفسه.


- الابتعاد عن تكليف النفس فيما لا طاقة لها به وتطبيق قول الله (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).


- تجنب إهمال أي عارض جسمي أو نفسي، إنما مراجعة الطبيب إن كان جسميًا أو نفسيًا لاتخاذ العلاج اللازم.


- الابتعاد عن العزلة والوحدة والانطواء لأن هذه الأمور تزيد من المشكلة وتعمقها.


- أخذ قسط من الراحة وساعات النوم الكافية على الأقل 8 ساعات في اليوم.


- الابتعاد عن سماع أو مشاهدة الأخبار والبرامج التي تزيد التوتر والقلق.


- الالتزام بالعبادات تضفي الراحة النفسية لمن يشكو من التوتر والقلق اللذان يسببان الاضطرابات النفسجسمية.

تعليقات