بقلم: رانيا محمود مسعد
عرف الإنسان القديم الطب على يد الحضارة المصرية، من هنا انتشرت علوم الطب وفروعه وعلاجاته المختلفة إلى بقية العالم، حيث كان الإنسان يذهب إلى كهنة المعابد المصرية القديمة لعلاج المريض بالاستعانة ببعض الأعشاب الطبيعية مع خلطها بالزيوت العطرية النباتية.
وقتها كانت طرق العلاج تتنوع بين الشراب المخلوط من الأعشاب أو بطريقة الاستنشاق لتلك العطور فكانت سببًا قويًا في علاج المريض وتهدئته في حالة الهياج أو نوبات الصرع الملازمة مع نوعية المرض،.
كما كان الاسترخاء والاستحمام وزيارة الأماكن المقدسة لحلول البركة، يعتقد وقتئذ بالحضارة المصرية القديمة أنه ذا نفع.
في القرن التاسع عشر تطورت طرق العلاج المختلفة لتكون أكثر وحشية في أوروبا، والتي لم تكن آدمية لا من قريب أو من بعيد، ومن خلال إجراء العديد من التجارب على الكثير من المرضى النفسيين؛ أصبح للمرض النفسي عدة طرق للعلاج التي تجاهلت تمامًا اختلاف المرض النفسي من شخص إلى آخر والتي قد تخفف من ألم هذا ولا تفيد ذاك، إضافة إلى تجاهل مرحلة المرض النفسي أو التاريخ المرضي في العائلة الواحدة .. تمامًا بمراحل المرض النفسي المتعددة .. فخرج الأنسان وقتئذ بفكرة معينة حول المرض النفسي تحديدًا وأكد أنه متعلق بخلل ما في الجسد.. أي أنه لا يمت للأرواح الشريرة بأي صلة، حيث كان يشخص المرض النفسي على أنه أرواح شريرة تأتي للأجداد القدامى لتقرر السكن في جسد الشخص المريض وتختاره بناء على أنه جسد ضعيف هزيل لا يقوى على المحاربة أو الدفاع عن نفسه.
تلك الفكرة كانت مسيطرة إلى أن قام الإنسان بإلحاق المرض النفسي المزمن إلى خلل ما في الجسد، فقط هو المسؤول عن الحالة المرضية بكل أطرافها .. لا "العقل اللا واعى" بشكل دقيق.
بداية العلاج النفسي
لم تكن بداية تطبيق العلاج النفسي بالأمر السهل كما يظن البعض، كان المرضى النفسيين عبارة عن فئران للتجارب العلمية، بأبشع وأخطر الطرق، مما أدى إلى حدوث أضرار كبيرة في صحتهم عقليًا وجسديًا، ودفع بعضهم إلى الانتحار للتخلص من الألم الذي أصابهم.
لم يكن هذا العلاج كما هو الحال اليوم بل شهد عالم الطب ممارسات غريبة وعنيفة ومنها:
1- إراقة سوائل الجسم: كانت هذه الطريقة من أبشع وأغرب الطرق قديمًا لأنها كانت تعتمد على تصفية الجسم من أهم أربع مواد فيه وهي 'الدم والمادة الصفراء والمادة السوداء والبلغم".
بحسب معتقداتهم أن كثرتها تسبب الأمراض، ويتم ذلك عبر قطع أحد أوردة المريض لإخراج الدم الزائد، مما يؤدي إلى انخفاض في ضغط الدم لدى المريض وإلى فقر دم حاد.
من أشهر المرضى الذين تمت تجربة هذه الكارثة عليهم كان الموسيقار "موزارت"، وكانت هذه التجربة عاملًا أساسيًا في وفاته.
2- ثقب الجمجمة: كان الأوربيون يثقبون الجمجمة لمعالجة نوعين من الأمراض، حسب زعمهم.
النوع الأول: لعلاج المسّ الشيطاني، إذ كانوا يعتقدون أن ثقب الجمجمة يُخرِج الجن أو الشيطان الذي يؤثر على المريض.
النوع الثاني: العلاج النفسي، وتعتمد الفكرة على حفر الجمجمة بالسكين بهدف تقليل الضغط على الدماغ، "الغريب أحيانًا أنها كانت ذات فائدة".
3- أرجوحة كوكس: اخترع الطبيب الإنجليزي جوزيف كوكس أرجوحة خاصة، يدور المريض من خلالها حول نفسه، وفي الوقت ذاته يدور بشكل دائري، ومن أعراضها القيء، الدوار، والغثيان.
4- قطع الفصّ الجبهي: أغرب أنواع العلاج النفسي في منتصف القرن العشرين، هي فصل الإنسان عن الواقع... وأول من قام بنشر هذه الطريقة هو الدكتور الأميركي 'والتر فريمان' إذ كان يقوم بإدخال أداة حادة معدنية أسفل الحاجب وأعلى الجفن ويمر من خلال مقلة العين إلى التجويف العظمي في الجمجمة حتى يفقد المريض وعيه تمامًا، لكن من آثارها الجانبية هو الانفصال التام عن الواقع بحيث يكون الإنسان تقريبًا غير واعٍ ولكنه حي، يأكل ويشرب ولكنه لا يعلم، شارد بدون أي رأي أو تواصل مع الآخرين.
5- استئصال الأعضاء: اعتبر الطبيب 'هنري كولت' أن استئصال بعض الأعضاء يؤدي إلى الهدوء النفسي.
لسرعان ما تلاشت هذه الطرق بسبب حالات الوفاة الكثيرة التي حدثت بسبب هذه الاعتقادات الخاطئة.