النفس الخفية وطريقة التعرف عليها

بقلم: رانيا محمود مسعد

تُعرف النفس الخفية أو "الظِل" أو "Shadow" في علم النفس بأنها الجزء المظلم من نفس الإنسان الذي لا يرغب في الاعتراف به أو إظهاره للآخرين، والذي لا يمكن إدراكه أو تحديد الجوانب المظلمة منه إلا من خلال المرور بالتجارب والخبرات المتعددة.  

النفس الخفية هي جزء فِطري من النفس البشرية التي يعتقد البعض أنها الجزء اللاواعي السلبي من الإنسان، في حين أنها الجزء الضعيف الذي لا يرغب بإظهاره للآخرين، على الرغم من اختلاف ذلك حسب وجهة نظر كل إنسان عن الحياة ونسبة تقديره لذاته. 

يمكن أن يُخفي بعض الأشخاص الصفات السلبية مثل الحزن والغضب والكسل والقوة، في حين يُخفي البعض الآخر قوة الشخصية والاستقلال أو الحساسية العاطفية.

تعريف النفس الخفية

عرّف كارل يونغ عالم النفس السويسري ومؤسس علم النفس التحليلي مصطلح "النفس الخفية" بأنها الجزء غير المتحضر من الإنسان الذي يجب أن يراه ويعترف به لكي يكون متكاملًا ذاتيًا. 

يؤمن يونغ بأن النفس الخفية ليست فردية فقط، بل هناك نفس خفية جماعية أو مجتمعية، وهي انتشار عادة سلبية بين الناس مثل الكذب والسرقة والغش والخيانة واحتقار الآخرين في مجتمع ما، بغض النظر عن الآثار السلبية التي تُخلّفها في هذا المجتمع، ما يشكل خطرًا كبيرًا على الحضارة، حيث أن انتشار الصفات والعادات السلبية بين الناس لا يسمو بحضارة المجتمع أبدًا. 

كيف نتعرف على الجانب الذي نخفيه من انفسنا 

إن معرفة حقيقة النفس الخفية، يجعلك أكثر تكاملًا وتوازنًا، لذلك يجب أن تعرف ما هي حقيقة نفسك الخفية من خلال زيادة الوعي حول ردود فعلك تجاه التجارب الشخصية والخبرات التي مررت بها في حياتك؛ فإذا تعرضت أو شهدت على أي موقف سلبي، فإن أول ما تخفيه من مشاعر الخوف أو التردد عن الآخرين في تلك الأثناء هو أحد جوانب نفسك الخفية.  

من الممكن أيضًا أن تخفي في نفسك الذكاء أو القوة، ولكنك تخاف إظهار مثل هذه الصفات للناس أثناء تعرضك للمواقف التي تستدعي ذلك. 

ما تبحث عنه دائمًا في صفات الآخرين السلبية بغاية لومهم عليها، هو طريق مباشر لمعرفة أن هذه الصفات هي إحدى الصفات المدفونة في نفسك الخفية؛ لكن إذا كنت تمر بحالة من الاكتئاب، أو في مرحلة تشعر فيها بأقل تقدير لذاتك، لا تسعى أبدًا للبدء بفهم الجزء المظلم من شخصيتك، فإن ذلك ليس الوقت المثالي للعمل على معرفة نقاط ضعفك أو الجوانب السلبية منها، بل هو الوقت الذي يجب أن تركز فيه على تعلّم كيفية تقدير الذات والثقة بالنفس، لأن معرفة الجزء المظلم من شخصيك قد يجعل تركيزك على صفاتك السلبية وليس كيفية التعامل معها.

الجانب الإيجابي للنفس الخفية 

هناك عدد من النتائج الإيجابية التي تظهر في حياة الشخص عند إدراكه لحقيقة نفسه الخفية وهي: 

_ تصبح حياته أكثر توازنًا وتكاملًا بسبب إدراك العيوب الشخصية.  

_

_ يساعده ذلك على تحسين علاقاته مع الآخرين، فإن قدرة الشخص على فهمه وتقبله لنفسه، تجعله أكثر قدرة على فهم وتقبل الآخرين. 

_ يساعده في أن يكون أكثر إبداعًا، فقد ربط يونغ معرفة حقيقة النفس الخفية بالإبداع؛ لأن ذلك يحررنا من مخاوفنا، ويؤدي إلى فك القيود التي تسيطر على أفكارنا وإنجازاتنا، فالاعتراف بالنفس الخفية يساعدك في السيطرة على جميع الجوانب السلبية من شخصيتك. 

_ عندما يتمكن الإنسان من السيطرة على غضبه وإدارته بشكل صحيح مثلًا، فإنه سوف يتغلب على التأثير النفسي السلبي الذي يسببه، كما أنه لو تقبل حزنه بالكامل، يُمكِنه تحويله ببساطة إلى سعادة، فتقبُّل الشخص لنفسه بعيوبها واختلافاتها هو سبب لحل جميع التحديات والمشاكل التي تواجهه في الحياة.  

لا ينصح أبداً بالتفكير في التخلص من نفسك الخفية، فمن المستحيل أن تجد إنسانًا لا يوجد لديه هذا الجانب الذي لا يرغب بإظهاره للناس من شخصيته، حتى وإن أظهر لك أنه أسعد إنسان على وجه الأرض، كما أنها جزء أساسي منك ومفيد لك، فهي تمنحك العديد من القوى الشخصية إذا تمكنت من إدراكها بالشكل الصحيح. 

الآن، بعد أن تعرفت على القوة الخفية التي تخفيها في نفسك، تعلم كيفية تحديد الصفات التي لا ترغب بأن تظهرها للآخرين سواء كانت سلبية أم إيجابية، وأن تتدرب على التحكم بها والسيطرة عليها.