القائمة الرئيسية

الصفحات

كرة القدم غريزة في الذات البشرية

 كتب: عاطف دبل

كرة القدم غريزة في الذات البشرية

تنطوي الذات البشرية على درجات من المعرفة.. الفن.. الشهوة، يمكن أن نتمثلها بدائرة يتوسطها المعرفة ويسكنها العقل، ويطفو الفن قبتها ويسكنها الروح، وتستقر الشهوة في القاع ويسكنها القوة. ويأتي السلوك الإنساني بمجموع درجات من كل منطقة من هذه الدائرة، ولكن تختلف التركيبة بين الناس وهو ما يجعلهم مختلفين في الشخصيات.


فمن تستمد شخصيته نصيب أكبر من قبة الدائرة، تجدهم الشعراء والمبدعين، المثاليين، الرسامين، الصوفيين، وما إلى ذلك من أهل الجمال.


ومن تستمد شخصيته نصيب أكبر من منتصف الدائرة، تجدهم علماء وفلاسفة، أهل الحكمة، وهم الأكثر إعمالا للعقل والأكثر اتزانًا.


ومن تستمد شخصيته نصيب أكبر من قاع الدائرة، تجدهم وقد غلبتهم شهواتهم تدفعهم كالوحوش لا عقل ولا ضمير.


يعتبر الصراع من ساكني قاع دائرة النفس البشرية، ولا تزال تتجلى في الحروب المستمرة واستمرار البحث عن المبررات لسفك الدماء، لكن حاول العقلاء التوصل لصيغة تسمح بتنظيم هذا الصراع ومحاولة تغليب المنافسة، قديمًا كانت تعقد حلبات في المسارح الرومانية الشهيرة لصراع بين فرد وسبع أو فرد وآخر ويتحول الناس لفريقين من المشاهدين.. ثم كان التدخل مجددا من أجل التوصل لصيغة أكثر قبولا، فتم وضع قوانين لخاسر وفائز بدلا من منتصر وقتيل..


نجحت الفكرة وتم ترجمتها في شكل العديد من الرياضات، ويأتي على رأسها وأهمها الرياضة الأشهر على الإطلاق "كرة القدم"، تلك اللعبة التي تعقد في أماكن تشبه المسارح الرومانية القديمة، ويجتمع لها آلاف الحاضرين وملايين المتابعين، يرضي الجميع قاع نفسه بالمنافسة بديلا عن الصراع، ونجد تفسير ذلك في أشخاص يسوء مزاجهم ويحزن وتدمع عيناه لأن فريقه خسر، وآخر يمشي في الأرض مرحا لأن فريقه فاز.


ليست مرض بل طبيعة يلبيها بني البشر، لا تعجب ولا تستهن، إنها من أعظم ما قدم الإنسان لنفسه أن يرضي طبيعته بالمنافسة بهذا الشكل بديلا عن صراعات الماضي الدامية، عجل لنفسك بفريق تشجعه، فهو أرقى انحطاط للبشر.

تعليقات