القائمة الرئيسية

الصفحات

كتاب للجميع ولغير أحد

 كتب: عاطف دبل

كتاب للجميع ولغير أحد

ساعات قليلة قد مضت بعد أن أتممت قراءة جانب من فلسفة المفكر الألماني "فريدريك نيتشة" من بوابة كتابه الشهير "هكذا تكلم زرادشت"، بترجمة السيد "علي مصباح" في تجربة هي الأسوأ منذ ما يقرب من ثلاث أعوام، ألقي بنصيب كبير من اللوم على المترجم، الذي كان لا يكف عن التعليقات والهوامش التي لا تكاد تخلو منها صفحات الكتاب، والتي يحاول أن يقارن فيها بين مواقف نيتشة في كتبه المختلفة والإشارة إلى بعض العبارات الإنجيلية التي كان ينتقدها الكتاب في كثير من المواضع.


كانت الفكرة المحورية في الكتاب تتركز فيما أسماه نيتشة "الإنسان الأعلى" في إشارة منه لبناء جيل أرقى من البشر، لهم كل الحقوق في مقابل الباقين الذين وسمهم بالفائضين عن اللزوم، تلك الفلسفة التي استعان بها الزعيم النازي هتلر في دعم فكرة سمو الجنس الآري على باقي الأمم، فلا يمكن تطبيق أفكار هذا الكتاب إلا بهذا الانحطاط للإنسان في تفضيل بشر عن آخرين.


نيتشة الذي كرّس صفحات كتابه في الاستهزاء بالكتاب المقدس والتسفيه من جُمله، صور نفسه مخلّصا وشبه نفسه في غير موضع بالسيد المسيح، ولم يقدم بديلًا سوى العنصرية والتكبر والكآبة، السطور لا تخلو من اللون الأسود القادر على صبغ يومك كله ليلًا لا شمس له، حتى الإنسان السوي لا يستطيع أن يعبر خمسين صفحة محافظًا على سلامة صحته النفسية.


هو بالفعل كتاب متاح للجميع ولم يخصص لأحد، لكن ليس الجميع يدرك الفلسفة العميقة للكاتب والتي فشل في تصويرها في شكل رواية أو حتى أمثلة في الصفحات، وكذلك فشل المترجم في محاكاة المعاني الألمانية لنيتشة وانشغل بعرض رأيه في غير موضع من الكتاب.


فلسفة دموية قاتلة، لو آمن بها قليل عقل لسعى في الأرض فسادًا، قصة لا تحمل أي قدر من التشويق أو الترفيه ولا حتى تنفع في أوقات فراغ، ترجمة ليست بالجيدة ولم تقدم حتى ما يكفل قدر فيلسوف كبير، مترجم يزيد من أزمات الكتاب بتعليقاته السخيفة، لا أنكر الكثير من الجمل التي تحمل قدر من الحكمة، تجربة المفيد فيها أني لن أكررها مرة أخرى.

تعليقات