القائمة الرئيسية

الصفحات

سيد القمني "حلّاق الصحة قديمًا مساوي للدكتوراه حديثًا"

 كتبت: سارة حمدي

سيد القمني "حلّاق الصحة قديمًا مساوي للدكتوراه حديثًا"

من هو سيد القمني؟


ولد سيد القمني في 13 مارس عام 1947 بمدينة بني سويف بمركز الواسطى، ونال الكثير والكثير من الشهرة خلال الثلاثين عامًا الأخيرة من حياته، بسبب المعارك والانتقادات الكثيرة ضده وضد أعماله، عُرِف أيضًا بأعماله الشائكة في نقد التاريخ الإسلامي، كان معروفًا أيضًا بالهجوم الدائم على الدين الإسلامي. 


البعض كان يعتبره باحث في التاريخ الإسلامي من وجهة نظر ماركسية، والبعض الآخر يعتبره صاحب أفكار اتسمت بالجرأة في تصديه للفكر الذي تؤمن به جماعات الإسلام السياسي، بينما يعتبر القمني نفسه يتبع فكر المعتزلة.

 

جوائز ومؤلفات سيد القمني


من أبرز مؤلفات القمني "أهل الدين والديمقراطية"، "الجماعات الإسلامية رؤية من الداخل"، "الإسلاميات"، "قصة الخلق"، "صحوتنا لا بارك الله فيها"، "الأسطورة والتراث"، "النبي إبراهيم والتاريخ المجهول"، "النسخ في الوحي الحجاب وقمة الـ 17". 


فاز سيد القمني بجائزة الدولة المصرية التقديرية في العلوم الاجتماعية لعام 2009، وهذا الأمر الذي لم يلقى ترحاب المسلمين، فرفع الداعية الإسلامي يوسف البدري، دعوة قضائية ضد وزير الثقافة آنذاك "فاروق حسني"، وشيخ الأزهر الشريف، معتبرًا أن الجائزة إهدار للمال العام، وأنها منحت لشخصية تسيء للذات الإلهية والدين الإسلامي، وهذه كانت فضحية لوزير الثقافة. 


كيف أصبح سيد القمني ملحدًا، أم طريقه كان خاطئًا؟ 


ماذا حدث لكشف الحقيقة هكذا؟ 


ما قصة شهادة الدكتوراه المزورة التي حصل عليها سيد القمني؟


لنسرد الآن قصة سيد القمني


أراد القمني أن يذكره التاريخ، ولكنه أختار طريقًا لم يكن له شأن به، والوصول إلى حقيقة شهادة الدكتوراه التي حصل عليها سيد القمني، كان في منتهى السهولة للعلماء والمؤلفين للبحث عنه، وليتم الإعلان عنه، المطلوب هو أن يتم تحديد القسم، والكلية، والجامعة التي تخرّج منها، وحصل منها على درجة الدكتوراه، وموضوع رسالته، والمشرف عليها، والتاريخ لرسالته، والزملاء الذين كانوا معه في الدراسة تحت نفس المشرف، ومدى أهمية تلك الجامعة للحصول على الدكتوراه، وهكذا ظهرت عدة أسئلة للتأكد من شهادته، لماذا لم يتم طباعة رسالته حتى الآن؟، لماذا لا نرى أي مؤلف له في تخصصه؟، والمفاجأة هنا أن تخصصه هو الفلسفة. 


مع العلم في هذا الوقت نرى العديد والعديد من المؤلفات له، كلها في الإسلاميات وليست الفلسفة.


الجدل هنا أيضًا في ألقابه؛ لماذا يكتب تحت اسمه في المواقع أنه "باحث انتروبولوجي، أستاذ جامعي فى مصر"، منذ متىٰ كان سيد القمني أستاذًا جامعيًا، وفي أي جامعة، ليس هناك ما بين كشوف أعضاء هيئة التدريس، ودخوله في المحاضرات، أو قبض المرتبات، أي شيء يدل على وجود سيد القمني


ما دور الجرائد في كشف حقيقة سيد القمني


كان قد نشر "د: قاسم عبده قاسم"، خبر في 25/7/2009 بجريدة اسمها "المصريون" محتواه كان عبارة عن "على مسؤوليتي الشخصية القمني لا يحمل الدكتوراه"، ثم أكمل كلامه قائلًا "أتحدى القمني ومن رشحوه ومن منحوه الجائزة ليظهروا للناس شهادة الدكتوراه التي يزعمون أنه يحملها"، تابع قائلًا "هذا نموذج للتزوير في أفحش صوره، وما يدَّعيه من حصوله على الدكتوراه محض كذب واحتيال". 


وهنا رد عليه القمني في خبر بقوله أنه حصل عليها من جامعة اجنبية. 


في 1/8/2009 نشرت جريدة "المصريون" مقال يحسم المسألة ويؤكد على عدم حصول سيد القمني على الدكتوراه؛ قائلة "شهادة الدكتوراه التي مع القمني يمكنه أن يبلها ويشرب ماءها، قبل تغيير الريق أو بعده، لا يهم" هذا الرد كان ساخرًا للرد على كلام القمني وكان بعنوان: "القمني اشترى دكتوراه بمائتي دولار من مكتب محترف لتزوير الشهادات". 



ما قصة ذلك المكتب وأين هو وماذا حدث له؟ 


بعد هذه الفضيحة، تم القبض على أصحاب هذا المكتب الذي أطلق عليه اسم "جامعة كاليفورنيا الجنوبية" ثم تمت محاكمة هؤلاء الرجال بمحكمة نورث كارولينا وتم الحكم عليهم بالسجن لمدة خمس سنوات، وبعدها تم طرد أي موظف أمريكي تم تعيينه بموجب هذه الشهادات المزورة. 


وليتم التأكيد على كذب شهادة الدكتوراه التي يحملها سيد القمني، أنه نشر في صحفية "القس" الكويتية، مقال يقول أنه حصل على درجة الدكتوراه بالمراسلة من جامعة كاليفورنيا الجنوبية 1983 عن كتاب اسمه "رب الشورة أوزوريس".


ما هذا الادعاء الغريب، وأيضا ليس له منطق، حيث أنه في ذلك العام لم تكن تتواجد خدمات الإنترنت التي تتيح إنجاز رسائل علمية بالمراسلة، وإذا كان بالبريد العادي، فهي تحتاج لأسابيع لكي تصل وأشهر للرد عليها، فكيف يتم أخذ شهادة الدكتوراه والنقاش فيها بتلك الطريقة.


أين المناقشة والأسئلة والأجوبة التي تحتويها تلك للرسالة؟ 


أيضًا، كيف يتم مناقشة رسالة دكتوراه باللغة العربية من نص غير نص إنجليزي؟ 


 

وكانت مصيبته الثانية، حين حاول أن يغطي على فضيحة الشهادة المزورة، فقد زعم أنه قد عادل شهادته المزيفة من المجلس الأعلى للجامعات في مصر، وكان رد المسؤولين عليه في المجلس أنه كاذب في أصل وجهه. 



هذا ما رصدته جريدة المصريون الضوئية 5/8/2009 في هذا الصدد، حيث صرح مصدر رفيع في وزارة التعليم العالي للمصريون؛ أن ادعاءات سيد القمني بأنه حصل على معادلة شهادته المزورة من المجلس الأعلى للجامعات محض خيال فاسد، كما ان المعلومات والوثيقة المنشورة في مقالة بصحفية المصري اليوم مغلوطة تمامًا، ولا تتصل بشهادته العلمية، وإنما إفادة عامة من المجلس الأعلى للجامعات تقدم لأي مواطن ولا تصدر اسم الطالب، الإفادة توضح لوائح أو قرارات كأصول عامة للتعامل، والوثيقة المنشورة توضح قرار المجلس في العام 1965 بقبول معادلة شهادات الجامعات الأمريكية، وأن جامعة كاليفورنيا من الجامعات المعترف بها، وهي غير الجامعة التي أعلن سيد القمني أنه قد حصل منها على الدكتوراه. 


أضاف نفس المصدر أيضًا، أنه من المحال عقليًا أن يتقدم طالب للحصول على معادلة شهادته ودفع الرسوم في يوم 11/5/1987 ويتم صدور شهادة له بعد ثلاثة أيام فقط في 14/5/1987؛ لأن هذه الإجراءات تأخذ الكثير من الوقت، ويتم مقارنة الرسالة الأصلية بالمقررات الدراسية، وتلك الإجراءات لا تتم في ثلاثة أيام كما يدعي القمني


عندما ضاقت بالقمني السبل وأغلقت الأبواب في وجهه اعتراف بأن شهادته مزورة، وقد برر ذلك بأنه لم يكن يعلم بأن الجامعة التي حصل منها على الدكتوراه كانت مزورة. 


رد عليه "جمال سلطان" ساخرًا من كلامه من خلال جريدة المصريون الضوئية يوم 5 أغسطس 2009 "قضيّ الأمر، واعتراف المزوّر بجريمته علنًا، وعلى رؤوس الأشهاد ولم يعد هناك مجال للمماحكة أو الجدال بعد الاعترافات الخطيرة التي قدمها القمني بخط يده ونشرتها جريدة المصري اليوم". 


بعد عدة مناقشات تحوّلت من قضية رأي، حرية فكر إلى مسألة اعتراف صريح بجريمة تزوير مزدوجة، هنا أصبح الموضوع أكتر جدلًا، وتمت مطالبة فاروق حسني "راعي المزورين" باتخاذ القرار الأخلاقي الملزم له في ذلك الأمر، ألّا وهو، سحب الجائزة من القمني والاعتذار من الشعب المصري عن تسرع الوزارة المصرية بمنحه الجائزة. 


كان قد أعلن القمني منذ عدة سنوات تبرؤه من كل ما صدر عنه من كتب ومقالات تحمل اسمه، وتراجع عن آرائه وأي موقف له، وهنا بدأ الشك أيضًا في هذا الاعتزال، فيما بعد اتضح أن المسألة كانت مفبركة كأي شيء صدر عن القمني


على سيبل المثال، القمني له كتاب بعنوان "الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية"، محتوى الكتاب لا يختلف بتاتّا عمّا قاله خليل عبد الكريم في كتابه بعنوان "قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية"، الاثنين كتبا عن نفس الأفكار في الكتابين، وهي أن أجداد الرسول كانوا يعملون على إنشاء دولة لهم تحمل اسمهم، وأنهم استغلوا وسيلة الدين لتحقيق هذا المطمح فقط، هنا يظهر لنا القمني سرقته لأفكار الآخرين والتراضي بين الآخذ والمأخوذ منه. 


العجيب هنا، أن القمني وخليل عبد الكريم ظهرًا في نفس التاريخ بنفس الأفكار والمؤلفات وهما لا صلة لهما في الأساس بالتراث. 


توجد العديد من اللقاءات التلفزيونية التي أشار فيها القمني إلى أنه تلقى تهديدات كثيرة بالقتل، جاء بعضها من تنظيم قاعدة الجهاد في الرافدين بعد مقال بعنوان "إنها مصرنا يا كلاب جهنم" وهنا اضطر للملازمة البيت في عام 2005، وأعلن اعتزاله، ليس هذا فقط، إنما تعرض منزله للسرقة أيضًا. 


أظهر في معظم مؤلفاته دور العمل السياسي في اتخاذ القرار الديني داخل الخلافة، فضلًا عن دور قبيلة قريش في تأسيس الدولة الإسلامية، كانت معظم أفكاره عن هذه الأشياء الكاذبة والذي يستطيع طفل لازال يلعق في أصابعه دحضها. 


لماذا يعتبر القمني ملحد

 

سيد القمني كان في استضافة المؤتمر ادهوك _ببروكسل في لندن، هناك أعلن كفره بالديانة الإسلامية، واتهم نبي الإسلام (صلى الله عليه وسلم)، بأنه قتل 860 شخصًا في ليلة واحدة، وأن الإسلام دين عنف. 


في عام 2016 اشتعل الرأي العام في مصر على إثر إحالته للنائب العام بسبب بلاغ قد قدمه المحامي خالد المصري ضد سيد القمني يتهمه بسب الصحابة والدين الإسلامي، وجاء هذا البلاغ على إثر ما أعلن عنه القمني في ندوة منظمة ادهوك في لندن، قدم فيها كفره بالإسلام. 


القمني كان قد رأى أن القرآن جسد نصا تاريخيا ولا ضرر من وضعه موضع مساءلة إصلاحية نقدية، وهذا النقد الإصلاحي لا يمثل رده أو استخفافًا بالقرآن حسب رأيه هو. 


أيضاً قال أنه يعتبره "اقتحامًا جريئًا وفذا لإنارة منطقة من سبقوه حرصوا على أن تظل معتمة وبداية ثورة ثقافية". 


من تصدى لكل هذه الانتقادات للقمني


الجدير بالذكر هنا أن ابنته هي من دافعت عنه بعد هجوم عبد الله رشدي على القمني كالآتى:


"الكلام دا بمناسبة إيه، في عركة دائرة اليومين دول حول سيد القمني، وأنا أتفهم إن حد لا مؤمن غير ديني يعني يدافع عن سيد القمني على اعتبار أنهما على نفس الخط، لكن ما لا أفهمه ولا أعقله إن واحد مؤمن بالله ورسوله يترحم على سيد القمني، هنا يبقى فيه خلل في المنطق، دا إنسان كان بيطعن في الله وسوله ".


اكمل رشدي قائلًا : "سمعت مقاطع كثيرة لسيد القمني، كان بيطعن في القرآن وبيستهزأ بالقرآن والرسول وعلى الدين، ونفسي عفت عن نشر مثل هذه المقاطع، فما يقوله كله هراء " 

 

وأشار أيضًا إلى أنه لا يستطيع أحد أن يقول إن سيد القمني في الجنة أو في النار، لأنه ممكن يكون في لحظة الوفاة أو الموت نطق الشهادتين واستغفر الله وتاب الله عليه وقبل توبته لكن يكون تاب. 


مضيفًا "الناس اللي بتحكم على سيد القمني إنه رايح الجنة أو النار العبارة دي غلط، ومن يقول إن سيد القمني رايح الجنة غلط، لا تقول دا، أخرك تقول فلان دا ظاهر الحال أنه مؤمن أو إن فلان هذا غير مؤمن فقط ولا شيء آخر" 


ردت سلوى القمني عليه بالآتي: 


"سيد القمني اشترى الناس كلها واشترى بلده.. انتو إللي بعتوها وبتاجروا بالدين".


تابعت كلامها قائلة:


 "سيد القمني عاش عمره بضمير، وذمة، وكعبه أشرف وأعلى منكم، أنت والحويني، وكل من يتاجر بالدين".


هنا سأختم المقال بوفاة القمني، حيث أعلن الدكتور خالد منتصر وفاة القمني بعد صراعه مع المرض عن عمر يناهز 74 عامًا، كاتبًا عبر تغريدة على تويتر قائلًا: "وداعا سيد القمني"، مقبرته مشيدة من عام 2015، كان بالفعل مكتوب عليها قولًا ماثورًا "إن الذين ماتوا قد نجوا من الحياة بأعجوبة"، عزاء القمني أقيم مساء يوم الأربعاء، بمسجد المشير طنطاوي، بعد ان ووري جثمانه يوم الثلاثاء في مركز بليس بمحافظة الشرقية، ومنع أي حضور إعلامي على حسب طلب ابنته سلوى القمني.


 وهكذا انتهت حياة القمني، فهل هناك من سيذكره في التاريخ.

تعليقات