القائمة الرئيسية

الصفحات

ما بعد حرب روسيا وأوكرانيا وهل سيعود الاتحاد السوفيتي

 كتبت: فرح جلول                                                     

ما بعد حرب روسيا وأوكرانيا وهل سيعود الاتحاد السوفيتي

بدأت روسيا فجر يوم الخميس 24 فبراير (شباط) 2022 عملية عسكرية واسعة النطاق في أوكرانيا وُصفت كبادرة لحرب عالمية ثالثة أو ربما رابعة بعد حرب الكورونا العالمية.


جاء هذا بعد يوم من اعتراف الرئيس الروسي "بوتين" باستقلال منطقتين انفصاليتين في أوكرانيا وهما "دونيتسك" و "لوغانسك"، بشكل رسمي مُطالبًا مجلس الدوما بالاعتراف الفوري بهذا القرار ودعم الجمهوريتين، لكن كيف حدث هذا مع الجارتان؟.    


صرّحت أوكرانيا بدخول مركبات عسكرية روسية إلى أراضيها من عدة اتجاهات، منها جزيرة القرم وبيلاروسيا من الشمال، وأطلقت صواريخ كروز وصواريخ باليستية على المقرات العسكرية والمطارات منها مطار "كييف الدولي" ومطار "إيفانوفرانسيسك" غرب البلاد الأوكرانية.  


كما سُمع دوي انفجارات في أنحاء أوكرانيا كافة، لتدعوا هذه الأخيرة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى عقد اجتماع عاجل بشأن الإجراءات غير القانونية المُتخذة من روسيا حسب ما صرّح به وزير خارجية أوكرانيا، كما تم إعلان حالة الأحكام العرفية من طرف الرئيس الأوكراني "فولوديمر زيلينسكي" لأن بلاده تواجه غزوًا روسيا، وطمأن هذا الأخير شعبه قائلًا إن أوكرانيا مستعدة لأي شيء وستخرح مُنتصرة، مُضيفًا، أن الجيش وجهاز الأمن والدفاع جاهز للمقاومة، كما يمكن لأوكرانيا الاعتماد على حلفائها الدوليين.


بينما وجه الرئيس الروسي "بوتين" رسالة في خطاب شديد اللهجة صباح الخميس 24 من فبراير 2022، إلى أوكرانيا التي اتهمها بالدولة المعادية لروسيا قائلا: إن عليها تحمل مسؤولية أي إراقة دماء وأن الاشتباكات بين القوات الأوكرانية والروسية "حتمية" مسألة وقت فقط لأن روسيا لا تنوي احتلال أوكرانيا بل تهدف إلى نزع السلاح منها فبلاده لا تشعر بالأمان في مواجهة التهديدات المستمرة من الأراضي الأوكرانية.  

 

كما صرّحت وزارة الدفاع الروسية باستخدام أسلحة عالية الدقة لاستهداف البنية التحتية والعسكرية والدفاع والقوات الجوية لأوكرانيا لإخضاعها لروسيا ونزع سلاحها، محذرين من رد موسكو الفوري في حالة ما إذا حاول أي شخص مواجهة روسيا، هذا التصريح الأخير اعتبرته الكثير من الدول رسالة مُشفرة تحمل تحدي وعدائية وبوادر لحرب عالمية لم تكن في الحسبان، قد يكون من شأنها تغيير الكثير من العلاقات الدولية، خاصة الاقتصادية منها والخارجية نحو تيّار منحاه غير واضح وقيد التحليل حد الساعة، لا سيما وأن هذا الهجوم الروسي الذي بدأ في الحقيقة شهر نوفمبر (تشرين الثاني) بنقل أعداد هائلة من قوات الجيش الروسي نحو المناطق القريبة من الحدود الأوكرانية، بلغ عددهم مئة ألف جندي، على عكس ما صرّح به الرئيس بوتين الروسي في 15 فبراير (شباط الحالي) بوجود انسحاب جزئي للقوات الروسية فقد نفت أوكرانيا ذلك. 


ماذا عن ردود الأفعال الدولية

  

لنبدأ بقلب الحدث أولًا "أوكرانيا" بعد إقرار الأحكام العرفية في أوكرانيا وسط ذعر المواطنين الذين هم الآلاف منهم لمغادرة العاصمة "كييف" وسحب أموالهم.  


كما دعت أوكرانيا مواطنيها القاطنين بروسيا والبالغ عددهم حولي مليوني أوكراني مغادرة روسيا، لأن العدوان الروسي المتصاعد قد يحدّ من مساعدة القنصلية لهم فيما بعد، كما استدعى الجيش الأوكراني جميع جنود الاحتياط الذين تترواح أعمارهم بين 18 و 60 عام لمدة أقصاها عام واحد.                                          


حالة الطوارىء التي أُعلنت لمدة 30 يومًا استثنت منها المنطقتين الانفصاليتين.


هذا وقال الرئيس الأوكراني "فلوديمير زيلينسكي" إن بلاده تريد السلام، لكنه لن يتنازل عن أي شيء لأي أحد، مُضيفًا، أنه بحاجة إلى دعم واضح وفعال من شركائه الدوليين كي يرى من هو شريكه الحقيقي ومن سيستمر في استخدام مجرد كلمات لإخافة الاتحاد الفدرالي الروسي، هل يقصد بهذا الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو أم الاتحاد الأوروبي؟.


بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فقد أعلن البيت الأبيض بواشنطن أن الرئيس الأمريكي "جو بايدن" اتصل بنظيره الأوكراني لإدانة قرار روسيا الاعتراف بالمناطق الانفصالية في شرق البلاد.   

 

كما ندد الرئيس الأمريكي بما سماه "هجومًا غير مبرر للقوات العسكرية الروسية" وشدّد على أن بلاده وحلفائها سوف يردون بطريقة موحدة وحاسمة وسيحاسب العالم روسيا.


مضيفًا، أن الرئيس بوتين قد اختار حربًا مع سبق الإصرار وأن بوتين هو المسؤول وحده عن الموت والدمار الذي سيحدثه هذا الهجوم وهو ما أكدّه رئيس وزراء بريطانيا "بوريس جونسون". 


هذا وقد تلقى الاتحاد الأوروبي دعوة لحضور قمة استثنائية في بروكسل يوم الخميس لمناقشة الأزمة، كما أصدر قائمة بكبار المسؤولين الروس الذين فُرضت عليهم عقوبات تشمل وزير الدفاع الروسي "سيرغي شويغو" ووزير الاقتصاد "مكسيم ريشتنيكوف" والقائد العام للبحرية والبرية الروسية و "مارغريتا سيموميان " رئيسة تحرير شبكة روسيا اليوم الإخبارية الناطقة بالإنجليزية.  

  

في مجال المباحثات السياسية ألغى وزير الخارجية الفرنسي والأمريكي الاجتماعات المخطط لها مع وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف".

    

أما الدول العربية وكأنها لم تسمع الخبر من الأساس أهو تجاهل مقصود؟ أم ترقب لمصيرها؟. 


كيف سيُؤثر الهجوم الروسي على العالم 


يتوقع المحللون أن روسيا ستستخدم تفوقها الساحق في القوة البرية، البحرية والجوية للضغط على أوكرانيا وإجبارها على الاستسلام بمجرد سيطرتها على البرلمان ووسائل الإعلام وميدان "تيزاليزنوستي" الذي يعتبر موقعًا رمزيًا للثورات المُؤيدة للديموقراطية في أوكرانيا، وقد تستخدم الأسلحة الكيماوية كما حدث في سوريا، ويرى البعض الآخر من المحللين أن هزيمة القوات المسلحة الأوكرانية قد لا تكون سهلة خاصة مع تجنيد الكثير من المدنيين وتسليح مقاتلي المقاومة مثلما حدث أثناء الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، ومن المحتمل أن ينقلب الرأي العام الروسي ضد بوتين وبالتالي حدوث ما يشبه "المستنقع ". 


لكن روسيا تتحدى العالم معتمدة على مؤهلاتها الاقتصادية والعسكرية بامتلاكها أكبر احتياطات العالم من الموارد المعدنية والطاقة، وقد بدأت آثار ذلك بالظهور جليًا، حيث ارتفع سعر النفط إلى مئة دولار للبرميل لأول مرة بعد سبع سنوات، بالإضافة إلى خطر انخفاص إمدادات القمح للدول المستوردة، فهل ستستسلم أوكرانيا أم ستنسحب روسيا؟


هل ستستفيق الدول العربية من سباتها عن أكثر الأحداث تأثيرا على العالم؟


الساعات القادمة ستكون حاسمة وكفيلة لحدوث تغييرات عالمية شاسعة وسيكون الرهان خلالها إما أن تفلح روسيا في إعادة مجد الاتحاد السوفيتي أو الانقياد لقرارات بايدن وحلفائه.

تعليقات