كتبت: ابتسام جابر رمضان
كثيرًا ما ربط العلماء بين فكرة الدين والسحر، بل أنهم جعلوا السحر المصدر الأساسي واللبنة الأساسية للدين، ومنه عرف الإنسان الدين ووضع قوانينه التي تحكمه وتحكم الطبيعة، وكان السحر وسيلة الإنسان لتسخير الطبيعة لخدماته، وكذلك لحمايته من تقلباتها وقسوتها والحيوانات المفترسة، وهذا ما نراه تشكل لدى الوعي الإنساني للبشر الأوائل، فكما قال خزعل الماجدي أن السحر بكورة الدين وهذا نراه فيما تركه وخلفه من آثار، ومن ذلك ما عُثِر عليه في "Karahan Tepe" وهو موقع يغير كل ما اعتقدنا أننا نعرفه عن حضارات ما قبل التاريخ.
حيث عُثِر على منحوتة لصورة رأس عمرها 11 ألف و 500 سنة تقريبًا، وفي أغلب الظن هي منحوتة لوجه بشري، وإن كان لم يتم تأكيد هذا الرأي بعد
"المنحوتة جزء من موقع أثري ”Karahan Tepe“ يُعتَقد أنه أول معبد في العالم، عثر عليه في محافظة "شانلي أورفة" في تركيا، حيث يقع على بُعد 46 كم جنوب شرق الموقع الغامض المشهور اسمه "Göbekli Tepe".
قبل بضعة عقود، كان عالم آثار ألماني يُدعى كلاوس شميدت ينقب في موقع العصر الحجري الحديث لنيفالي كوري في مقاطعة شانلي أورفا، ويعود تاريخ الموقع الأثري إلى ما يقرب من 12000 عام، وكان عبارة عن مستوطنة تنتمي إلى العصر الحجري الحديث، حيث كانت موطنًا للمجتمعات التي انتقلت من أسلوب حياة الصيد والجمع إلى الاستقرار.
اعتقد العلماء سابقًا أن الزراعة مكنت الإنسان القديم من الاستقرار وإقامة الحضارة وتطوير التعاليم الدينية وبناء المعابد، مع ذلك، فإن أعمدة الحجر الجيري على شكل حرف T الموجودة في Göbeklitepe أقدم من اكتشاف الزراعة، وهي واحدة من أولى مظاهر العمارة الضخمة التي صنعها الإنسان.
يعتقد الباحثون أن الآثار المزينة برسومات حيوانات برية وأشكال هندسية وبعض الصور التجريدية للبشر قد استخدمت في المناسبات الاجتماعية والطقوس السحرية.
يتكون مجمع المعبد من العديد من العبوات الدائرية المكونة من كتل متراصة على شكل حرف T.
تم اكتشاف أكثر من 250 عمود حتى الآن، يصل طول بعضها إلى 6 أمتار ويزن أكثر من 15 طن. يبدو أن الأعمدة هنا تشكل ثلاثة "طرق" مميزة تؤدي إلى قمة التل، أو ربما شكلوا ممرًا لموكب متعلق بطقوس سحرية.
الأماكن التي تم اكتشافها، يقال أنها أربع فقط من أصل 16 مكان، وهم بنفس الشكل، 4 فقط تم اكتشافهم من الـ16، وحتى الآن ما تم الكشف عنه في Göbekli Tepe فقط يمثل أقل من 2% من حجم المكان الحقيقي.
يقال أنه معبد أو موقع لطقس ديني، لا أحد يعرف بشكل مؤكد ولا أحد يعلم حتى شكل الدائرة أو الشكل الإهليجي الذي فيه أعمدة مرتبة شكلها حرف "T" محفورين برموز حيوانات، ورموز فلكية ماذا تعني ولا يظل هذا الموقع غامض.
تعد فكرة الدائرة والأعمدة العملاقة ومرتبة ومرمزة فلكيًا هذه متكررة على مدار التاريخ فهي تشبه ستونهنج في إنجلترا.
في نهاية المقال، هل كانت هذه الأعمدة والرؤس لغرض ديني فقط، أم مجرد بناء وتماثيل أم كما ذهب البعض أنها تمثل نقطة نقل كونية.