القائمة الرئيسية

الصفحات

أحببت وغدًا..

 كتبت: شان مسلم

أحببت وغدًا..

في الحقيقة لقد سقط الوغد أمامي هكذا مباشرة.. مهلا فهو لم يكن وغدًا، لقد كان لي في تلك الفترة بمثابة المنقذ والمخلّص من ألم الأفكار وتصارعها.. فظهر منقذي "واسمحوا لي بأن أطلق عليه هذا الاسم" كتاب أحببت وغدًا لكاتبه الدكتور المبدع عماد رشاد عثمان.. الذي أنار لي درب الحقيقة .. حقيقة ما كنت فيه وأعاني منه.. 


ولكن بداية دعني أعرفك بكاتبنا المبدع الذي وُلِد في عام 1986م في محافظة الإسكندرية، وهو حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة في عام 2010م، وباحث ملتحق بماجستير أمراض المخ والأعصاب والطب النفسي كلية الطب جامعة الأسكندرية.. 


هذا بالإضافة إلى أنه دارس لدرجة الليسانس في اللغة العربية والثقافة الإسلامية من كلية دار العلوم جامعة القاهرة، ومتزوج من الدكتورة صفاء العلقامي ولديه ثلاثة أطفال، ولديه مدونة إلكترونية ينشر عليها قصص ونصوص وأيضًا يكتب مقالات في موقع إضاءات، وتم نشر أول كتاب له في عام 2018 عن دار رواق للنشر، والذي يُعد من الكتب الأكثر مبيعًا منذ صدوره حتى عُرض العام الماضي بطبعته الثانية عشر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب.


يناقش الكتاب موضوع هام جدًا في حياة كل منّا وهو التعافي من العلاقات المؤذية مع الأشخاص النرجسيين، فيوضح لنا صفات النرجسي وكيف نعرف أننا في علاقة مع شخص مؤذي، ويوضح مدى الأذى الذي تلحقه بنا هذه العلاقات دون أن ننتبه أننا في علاقات سامة ولابد بترها.


يساعدنا الكتاب على رؤية أوضح وأعمق لكل علاقاتنا بمن حولنا، وأننا لا نستحق الأذى وألا نحاول أن نصلح المؤذي لأنه لا يمكن إصلاحه مهما حاولنا، فبالنهاية سوف نخسر أنفسنا ويقتلنا أذاه، وقد تقول أن هذا الكتاب لمن تعرضوا لعلاقات مؤذية 'وأنا لست كذلك' ولكن دعني أخبرك أنك بحاجة إليه، فهو فرصة للوعي ومصل للوقاية من الوقوع بمثل هذه التجربة المؤذية، فلقد أبدع الكاتب في تشريح نفسية النرجسي غير السوية، وقدم لنا التوعية بأساليبه وأسلحته النفسية التي يهاجمنا بها دون وعي منا لذلك.


 هذا بالإضافة إلى أنه يوضح أن الشخص النرجسي ليس وحده الجاني، فالضحية التي وقعت في شراكه هي أيضًا تعاني من الاضطراب النفسي الذي أوقعها في دائرة النرجسي، فشاركت النرجسي فيما سببه لها من أذى.


هذا بالإضافة إلى كتابه الثاني"أبي الذي أكره"، والذي صدر العام الماضي عن دار الرواق للنشر أيضًا، فهو لا يقل أهمية عن كتاب أحببت وغدًا، حيث يتحدث في هذا الكتاب عن التعافي من إساءات الأبوين وصدمات التنشئة الغير سوية، ويعد كتابًا للأبناء والآباء على حد سواء، فهو كتاب نفسي تربوي في المقام الأول، ويتميز أسلوب د. عماد بالبساطة والوضوح والسلاسة ودقة اللغة العربية وقرب كلماته من القلب .. ربما لأنها تخرج من القلب فتستقر فقلوبنا على حد سواء..


حقيقة ليس مجرد كتاب ولكن عبارة عن مرشد نفسي تحمله في يدك أينما ذهبت، وكلما احتجت بإمكانك تصفح أي منهما فتفهم فتهدأ..


وفي نهاية هذا المقال أنصحكم جميعًا وبشدة بقراءة هذين الكتابين الرائعين لغة ومضمونا واترككم مع عدة اقتباسات من الكتابين..


اقتباس من كتاب أبي الذي أكره


"إن من تعرضوا للإساءة هم أهل الهجر النفسي، والمنفيون شعوريًا، لا يمكنهم أن يشعروا بالوطن في أي بقعة، ليس لأنهم قد اغتربوا عنه، ولكن الوطن هو من رحل عنهم".


اقتباسات من كتاب أحببتُ وغدًا


"دومًا ننتظر شخصًا ما، نظن أن بتنزله تنمحي كافة أوجاعنا، نتوهم أن بإشراقته على ظلمة أكواننا يتبدد التيه والحيرة ويغمرنا السلام، نخدع ذواتنا خديعتنا الأعظم حين نهمس لأنفسنا وقت الوجيعة: أن يومًا ما، وبجوار شخصٍ ما، سنشعر بالاكتمال، لكننا ننسي أن عطبنا ذاتي، وأن نقصنا مثبت فينا كنظام تشغيل، وأن ذاك الشخص ذاته الذي رأينا فيه المخلص وسبيل التحرر، ربما هو من سيمنحنا خيبتنا الكبري، ويجمع فجواتنا جميعًا في فجوة واحدة أعظم، وربما بدلا من أن نثمر جواره، قد نذبل، وننزوي، ونتلاشي، ونذوب، وننسى أننا نحتاج أن نحسن صحبة أنفسنا ونداوي عطب نفوسنا قبل أن نترقب تنزل الآخر لن يكون الآخر جنتنا أبدًا ما دُمنا فقط نسعى لتخدير أوجاعنا عبره، وليست تلك العلاقة في حقيقتها سوى تلاهي لا واعي عن مقابلة الذات ومواجهة حقيقة أنفسنا.


العلاقات المرضية تبدأ هنا، حين تصير العلاقة محض هروب وفرار، ولا شيء أكثر.


إن أكثر الناس اقترافًا لأخطاء الاختيار هم أولئك الذين ينتظرون بشغف ويترقبون بتلهف، فتشتبه عليهم الوجوه، ويسقطون فراغهم العاطفي على وجه عابرٍ ما، فيشاهدونه بخلاف حقيقته.


أولئك الذين يظنون أنهم يداوون الظمأ عبر تتبع السراب (حتي إذا جاءه لم يجده شيئا).


لا تبقى فقط لأنك تخشى وجع الفراق، لا تمكث لأنك اعتدت الجوار والصحبة، لا تنتظر فقط لأنك لا تحتمل الوحدة، لا تشوِّه روحك بالبقاء في علاقة تؤذيك.


العلاقة المؤذية علاقة إدمانية أي أنها تستمر دومًا بشكل قهري، لا يتمكن أطرافها من التحرر منها رغم رغبتهم في ذلك، لا تُمَكِن من الرحيل عنها رغم كل الآثار السلبية المترتبة عليها، إنها ككل إدمان يُشعِر صاحبه أنه ممسوك ومقيد ومتورط ولا يستطيع الفرار رغم احتياجه للرحيل، وكأنه لم يعد حُرًّا ولم يعد يملك قراره، ولم يعد مختارًا للبقاء والرحيل".

تعليقات