كتبت: أسماء محمود
تعتبر الملكة حتشبسوت من أقوى حكام مصر على مر العصور، والسيدة الحاملة للقب الفرعون لأطول مدة بين الفراعنة الإناث اللاتي حكمن آنذاك، واعتبرت فترة حكمها نقطة تحول محوري في تاريخ مصر القديم.
الاسم الأصلي لحتشبسوت "غنمت آمون"، ويعني خليلة آمون المفضلة على السيدات، أو خليلة آمون دُرة الأميرات.
تزوجت حتشبسوت من أخيها غير الشقيق "الملك تحتمس الثاتي", وأنجبت منه ابنًا، وقد توفي وهو طفل، ولم يذكر اسمه على أي أثر من الآثار، وأنجبت أيضًا بنتان، هما نفرو رع ومريت رع، وقد أنجب تحتمس الثاني ابنه تحتمس الثالث من إحدى جواري البلاط الملكي.
تُعَد الملكة حتشبسوت من أجمل الجميلات، فهي أول من ارتدت القفازات، وذلك لوجود عيب خلقي بيدها، فقد كان لها 6 أصابع، ولم يعرف العامة ذلك إلا بعد رؤية موميائها.
الملكة حتشبسوت هي أول ملكة فرعونية حكمت مصر، بالرغم من أنه كان من المفترض أن يحكم ابن زوجها تحمس الثالث، وطول فترة زواجها كانت تمارس الحكم من وراء الستار، فقد كان زوجها تحتمس الثاتي ضعيفًا، وربما كان مريضًا في نفس الوقت، إلا أن ابنه تحتمس الثالث لم يكن كذلك، فقد قام بالكثير من المؤامرات مع كهنة آمون للحيلولة دون تولي حتشبسوت الحكم، إلا أن الملكة استطاعت تحقيق ذلك، وتم إعلان حتشبسوت ملكًا على مصر في عام 1404 قبل الميلاد.
رغم أن حكم مصر كان يعتمد على رضا الكهنة بالدرجة الأولى، إلا أن الشعب لم يتقبل ببساطة أن تتولى الحكم امرأة، كما كان حول مقتل زوجها "تحتمس الثاتي" الكثير من الغموض، حيث اتهمها بعضهم بقتله للوصول إلى العرش، إلا أن تلك التهمة لم يكن عليها عليها دليل.
كانت حتشبسوت تحاول إظهار نفسها كرجل، حيث صنع لها تماثيل في هيئة الرجال، بالإضافة إلى أنها كانت ترتدي الملابس الرجالية والذقن المستعارة، وأن كان هذا لم يقلل من كون حتشبسوت تمتلك كل مواصفات الأنثى الجميلة.
في الوقت نفسه كان لها دور كبير في النهضة الشاملة التي شهدتها مصر القديمة، وقامت بتكوين جيش قوي لا يقهر، وأرسلت عددًا من الحملات الاستكشافية إلى البلدان؛ للتعرف على الحضارات المجاورة والنقل عنها، فضلًا عن ذلك شهدت مصر في تلك الحقبة نشاطًا تجاريًا كبيرًا، حيث كان لمصر علاقات تجارية قوية مع مختلف دول الشرق، ورغم قوة جيشها وشهرته إلا أن الجيش لم يخض أي معارك كبيرة طيلة حكم حتشبسوت، عدًا بعض الحملات التي أرسلتها بقيادة ابن زوجها تحتمس الثالث.
هذه الملكة تركت ألغازًا كثيرة وأسرارًا، وربما أكثر تلك الألغاز أثارة لغز سننوت.
ذلك المهندس الذي بنى لها معبدها الشهير في الدير البحري، والذي منحته 80 لقبًا، وقد بلغ من حبه لها أن حفر نفقًا بين مقبرتها ومقبرته، وجاءت تلميحات المؤرخين تشير إلى وجود حالة حب قد جمعت الاثنين.
توفت حتشبسوت في 10 من الشهر الثاني لفصل الخريف، والذي يوافق "14 من يناير 1457 قبل الميلاد"، وذلك بعد أن حكمت مصر لمدة 22 عامًا.
وقد تم التحقق من مومياء حتشبسوت، واتضح أن علامات موتها هي علامات موت طبيعي، ويرجع ذلك إلى إصابتها بالسرطان أو السكري.
بعد أن ماتت الملكة حتشبسوت، حاول تحتمس الثالث أن يخفي ملامح حكم حتشبسوت من الحضارة الفرعونية كاملة، لكن في النهاية نجحت حتشبسوت في جعل مصر دولة قوية ذات جيش كبير دون خوض أي معركة حربية.
تركت الملكة حتشبسوت العديد من الآثار التي تشير إلى المستوى الاقتصادي والحضاري الذي شهدته مصر في عهدها، حيث أصبحت مزارًا سياحيًا يأتي إليها الناس من شتى أنحاء العالم.