القائمة الرئيسية

الصفحات

قيام الدولة العثمانية واستيلاءها على مصر

كتبت: نورهان زكريا

قيام الدولة العثمانية واستيلاءها على مصر
صورة تخيُلية للسلطان سليم الأول

مقدمة: 

يعد تاريخ العثمانيين حافل بالفتوحات والتوسعات منذ نشأتها في 1299مـ، إلى سقوطها في 1922مـ، بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى


تعد الدولة العثمانية أول دولة إسلامية تدخل حدود أوروبا وتقوم بالتوسع فيها لنشر الدين الإسلامي وكانت عاصمتها القسطنطينية همزة الوصل بين العالم المسيحي والعالم الإسلامي.


نشأة الدولة العثمانية


يرجع أصل العثمانيين إلى الأتراك السلاجقة الذين هاجروا إلى الأراضي التركية بسبب الغزو المغولي وكانت مهنتهم الأساسية هي الرعي ويعيشون حياة التنقل والترحال، وكانوا يعبدون الأوثان


بدأت ملامح الدولة العثمانية تظهر عندما استقر سليمان شاه في الأناضول، حيث أخذ يجمع عشيرته من الأراضي التي كانت حوله ثم تولى بعده ابنه أرطغرل وشارك السلطان السلجوقي في الحكم وشاركه في الحروب ضد المغول وقد أبلى بلاءً حسنًا فأعطاه السلطان بلدتين على الحدود الغربية للأناضول


ثم توفى وتولى بعده عثمان ليقود عشيرته ويستكمل الفتوحات حتى سلمها لابنه أورخان الذي اتخذ بورصة عاصمة لمملكته واستطاع هزيمة الإمبراطور البيزنطي


توسعت المملكة في عهده ويعد أورخان أول أمير عثماني يلقب بالسلطان، ثم توالى بعد ذلك أمراء قاموا بتوسيع حدود المملكة، حيث وصلت إلى خمس أضعاف حجمها منذ عهد أورخان حتى السلطان مراد وذلك خلال 27 سنة. 


كان فتح القسطنطينية يراود أحلام محمد الفاتح، حيث أن بفتحها ستكون المملكة متواصلة لا يتخللها عدو مهاجم، فقام بجمع قواته وحاصر مضيق البوسفور حتى لا يصل لهم أيّة مساعدات من القوات الصليبية واستمر الحصار لمدة 53 يوم وتم فتح المدينة وأصبحت القسطنطينية عاصمة الدولة العثمانية.

 

أثر الإسلام على العثمانيين


يُعد دخول العثمانيين في الإسلام أحد أهم أسباب نشأة الدولة العثمانية، حيث أن الإسلام نشأ في داخله شعور الجهاد ونشر الدين الإسلامي في جميع بقاع الأرض. وإلى جانب هذه الروح الدينية روح العسكرية الطاغية التي أصبحت سِمة مميزة لهم ويعتبر السبب الأهم في دخول العثمانيين في الإسلام هو ارتباطهم بالأتراك السلاجقة.


اتجاه العثمانيين نحو الشرق


 بلغت الدولة العثمانية أوج قوتها في عهد السلطان سليم الأول والذي تفرغ من الحرب في أوروبا واتجه نحو الشرق حتى يتفرغ للخطر الشيعي وحوَّل أنظاره إلى الدولة الصفوية التي كانت تضطهد أهل السنة في إيران والعراق.


 ولتأمين المملكة من ناحية أوروبا، قام بعقد معاهدات مع سفراء المجر والبندقية.


وقد جهز السلطان سليم جيشه واتجه إلى "تبريز" عاصمة الدولة الصفوية، حيث انتصر عليهم انتصارًا باهرًا بفضل تقدم الأسلحة وكفاءة الجنود خاصةً الإنكشارية.


دخول سليم الأول الأراضي الشامية وشبه الجزيرة العربية


كان السلطان سليم في طريقه نحو الشام ومصر قد استولى على جزيرة سقطرى المتحكمة في باب المندب عند مدخل البحر الأحمر، كما استولى على الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة العربية وقد اتخذ اليمن مكانًا استراتيجيًا للقضاء على النفوذ البرتغالي في البحر الأحمر وجعله بحرًا مغلقًا حتى لا تعبر منه السفن المسيحية.


المماليك قبل دخول سليم مصر 


كان المماليك في صراعات فيما بينهم حول الحكم والسيطرة على البلاد، مما أدى إلى تدهور الحالة الاقتصادية في البلاد، كذلك أحوال الجيش، حيث لم تكن رواتبتهم تُدفع لهم فقاموا على إثر ذلك بمهاجمة الناس وسرقة أشياءهم.


مع كل تلك الصراعات لم يحملوا همًا من توسعات الدولة العثمانية ولم ينتبهوا إلى تقدم أسلحة العثمانيين.


حرب العثمانيين والمماليك في الشام


مَهَد سليم الأول للحرب ضد المماليك بتكوين علاقات سياسية مع بعض أمراء المماليك في الشام كالأمير خير بك نائب السلطان المملوكي في حلب والذي اتسم بخيانته. 


عندما توقع السلطان الغوري مهاجمة العثمانيين له، خرج من مصر إلى الشام مصطحبًا معه عدد كبير من أمراء المماليك والقضاة ومشايخ الطُرق متجهًا نحو الحدود الشمالية وعسكر بجيشه في مرج دابق القريبة من حلب وذلك في مايو 1516مـ.


 أرسل السلطان الغوري رُسل السلام لسليم لتجنب الحرب بين الدولتين ولكن عاملهم سليم معاملة سيئة، وكان هذا سببًا لقيام الحرب بينهم في أغسطس من نفس العام، والتي نتج عنها هزيمة المماليك وقتل قنصوه الغوري واستيلاء العثمانيين على حلب ودمشق وتعتبر معركة مرج دابق من المعارك الحاسمة في التاريخ لأنها قضت على المماليك في الشام وحلت الدولة العثمانية محلها. 


دخول سليم الأول إلى مصر

 

عندما علم المماليك بوفاة قنصوه الغوري انتخبوا طومان باي خليفة لهم في أكتوبر 1516مـ، وكان عمه قنصوه قد أنابه حُكم مصر أثناء وجوده في الشام.


أرسل السلطان سليم إلى طومان باي يعرض عليه الصلح مقابل أن يعترف بسيادة الباب العالي على مصر فرفض طومان باي هذا العرض وقرر المماليك محاربة العثمانيين وجمع طومان باي قوات وأسلحة لمحاربة العثمانيين على حدود الشام قبل أن يأتوا إلى مصر.


وقد أرسل سليم الأول إلى طومان باي مرة أخرى بأن يعترف بالسيادة العثمانية ودفع جزية سنوية وسك العملة باسمه ويخطب باسمه في مساجد مصر وكان من الطبيعي أن يرفض طومان باي العرض وقد وجد تشجيعًا من أمراء المماليك بينما تخاذل البعض الآخر ورفضوا الخروج معه إلى الشام.

 

معركة الريدانية


تعتبر موقعة الريدانية سنة 1517مـ، مُكَمِلة لموقعة مرج دابق، حيث دخل العثمانيين إلى القاهرة واستباحوا أهلها لمدة 3 أيام واتخد سليم الأول من بولاق مقرّا لقيادته.


ظل الأمير طومان باي يحارب ليسترد القاهرة، حيث انضم إليه أهالي بولاق والعربان وانتصر بالفعل واسترد بعض أجزاء من القاهرة ولكن انتهى بهزيمة المماليك وقد لجأ طومان باي إلى أحد شيوخ العرب في مديرية البحيرة يدعى حسن مرعي ولكنه نكث بعهده وخانه وأبلغ السلطان سليم عنه وأُمِر بشنقه.


بهذا طويت صفحة دولة المماليك وأصبحت مصر ولاية عثمانية عام 1517مـ.


بعد ذلك تولى أحد المماليك ولاية مصر وهو خير بك وكذلك تنازل آخر خليفة عباسي هو محمد المتوكل عن الخلافة الإسلامية إلى السلطان سليم وسلمه الآثار النبوية الشريفة كالسيف والبُردة ومفاتيح الحرمين الشريفين.

تعليقات