القائمة الرئيسية

الصفحات

التعدُّد بين الغريزة والرغبة

كتبت: حبيبة كامل

التعدُّد بين الغريزة والرغبة

 مما لا شك فيه أن التعدّد حلال، وقد شرّعه الله لعباده، ولكن ساورني الشكّ في بعض الأحيان، هل التعدّد غريزة فطرية أم رغبة؟


 ‏ الفرق بين الغريزة والرغبة


 ‏الغريزة: هي الإجراء الذي يحدث على الفور بشكل تلقائي، كالغريزة الجنسية التي تؤدّي إلى التزاوج.


 ‏الرغبة: هي تلك الحالة التي تدفع الإنسان للقيام بشيء مُحدد. فالرغبة هي تلك الحالة الذهنية التي تدفع الإنسان إلى القيام بفعل مُحدّد، وليس من الضروري تحوّل هذا الشعور إلى سلوك، كأن يشعر الإنسان برغبة مُلحّة لشراء هاتف جديد.


فالفرق بين الغريزة والرغبة هو أن الغريزة تتحكّم في الإنسان، بينما الإنسان يتحكّم في رغباته، فربما يُلبّيها، وربما لا.


وبعد معرفة الفرق بين الغريزة والرغبة، هل التعدّد في الزواج رغبة أم غريزة؟


قُمت بعمل استطلاع رأي على المستوى الشخصي يُمَكّنني من حصر بعض الأجوبة على هذا الاستطلاع، منها: 


1- لو لم يكن التعدّد في الزواج غريزة لما شرعه الله.


2- ‏التعدّد رغبة؛ فقد يكتفي الرجل بأنثى واحدة رغم إمكاناته المادية.


3- ‏لا يرفض التعدّد إلا رجل غير مكتمل الرجولة!


4- ‏هناك رجال يرغبون بالتعدّد.


وتوصّلت بعد هذا الاستطلاع إلى أن التعدّد في الزواج رغبة؛ لأنها تختلف من شخص لآخر، فشخص يرغب بالزواج مرة وأخرى، وآخر يكتفي بأنثى واحدة، وآخر يتزوّج لأسباب ضرورية، فلو كان التعدّد غريزةً لقام به رجال العالم أجمع لأنه غريزة، إذن لماذا شرع الله التعدّد؟ وما هي شروط التعدّد؟ وما الأصل في الإسلام، التعدّد أم التفرّد بواحدة؟ وما تفسير رغبة الرجل المُلحّة بعدم الاكتفاء بأنثى واحدة من الناحية النفسية؟


 لماذا شرع الله -سبحانه وتعالى- التعدّد


1- إن الرجل قد لا تعفّه المرأة الواحدة، فقد يكون كثير أو شديد الشهوة.


2- الرجال أقلّ عددًا من النساء، ولا سيّما عند الحروب، ولا سيّما في آخر الزمان، كما أخبر بذلك النبي، عليه الصلاة والسلام.


3- كثرة النسل، وتكثير الأمّة؛ لأن الرسول ﷺ قال: "تزوّجوا الودود الولود؛ فإني مُكاثِرٌ بكم الأمم يوم القيامة".


4- عُقم المرأة أو مرضها أو سوء طباعها.


هناك شروط للتعدّد؛ فليس كل من يرغب بالتعدّد يُعدّد، وهذه الشروط:


1- القدرة البدنية التي يتمكّن بها من الجِماع.


2- القدرة المالية التي تُمكّنه من الإنفاق. 


3- القدرة على العدل بين الزوجات، فإن خاف ألا يعدل بين زوجاته، فليس له أن يتزوج إلا واحدة لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ ألا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا﴾ (النساء:3).


4- ألّا يكون تعدّد الزوجات بين الأقارب الذين يجمعهم نسبٌ قريبٌ جدًّا.


  إذن ما الأصل في الزواج، التعدّد أم التفرّد؟


الأصل التعدّد، والواحدة هي التي يحصل بها عند العجز؛ لأن الله -جل وعلا- قال: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ ألا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا﴾ (النساء:3). فدلّ على أن الأصل هو التعدّد، يتزوّج اثنتين، أو ثلاثًا، أو أربعًا؛ لأن هذا أقرب إلى إعفاف الرجل، وإلى كثرة النسل، فإذا عجز؛ اكتفى بواحدة، إن خاف ألّا يعدل؛ اكتفى بواحدة، وذلك عند ابن الباز وابن تيمية، رضي الله عنهما.


وقال الشعراوي، في كتابه (المرأة في القرآن): "إن الأصل في التشريع هو الإباحة وليس الوجوب، أي أن الإسلام لا يوجب على الرجل أن يتزوّج بأكثر من واحدة، ولكنه يبيح له ذلك إذا رأى أن حياته تحتاج إلى ذلك، وفَرقٌ كبير بين الوجوب والإباحة".


أسباب تعدّد الزوجات لدى الرجال من الناحية النفسية


1- بحث الرجل عن أم بديله لتلبية جميع احتياجاته؛ فقد يرى حينها أن أمًّا واحدة لا تكفي.


2- أن يبحث الرجل عن زوجة ثانية تنافس الأولى في مشاعر الحُب المُوجّهة إليه، كما كانت تنافس والدته غيرها في محبته.


3- الرجل الذي يعاني في أعماقه من مشاعر النقص، والشعور بعدم القدرة، وبالتالي عدم الاستحقاق؛ يحيط نفسه بالعديد من الزوجات للتخفيف من الشعور بالنقص.


4- تأزُّم أو سوء علاقته بوالدته، سواء بتأصيل الرفض في العلاقة أو الكره أو النبذ أو الإهمال أو المقارنة الشديدة جدًّا أو العِقاب الصادم جدًّا لمرحلته النفسية؛ جعلته يبحث عن الحب والقبول والإعجاب والاهتمام، كأنه يبحث في كل فتاة عن أم.


5- أن يسعى الرجل لأن يكون مطلوبًا ومحبوبًا ومقبولًا لدى الكثيرات من النساء، ولو من خلال الزواج، كما كان مطلوبًا ومحبوبًا ومقبولًا من الأم، رغم تعدّد أخطائه.


6- ‏سعي الرجل لإثبات سيطرته التي كان يعجز عن إثباتها مع الأم، بسبب سيطرتها عليه وتحكّمها فيه.


وأخيرًا: لا يُرغَمُ أحد على التفرد بواحدة ولا أقول أن التعدُد فعل خاطئ ولكن أرفض نعت المتفرد بأنثى واحدة أنه غير مكتمل الرجولة بل رحم الله امرئ عرف قدر نفسه واستطاعتها فكم من مُعَدِد ظالم لزوجاته وكم من مُفَرِد غير قادر على إدارة شئون منزله.


تدقيق: شيماء عبد الشافي

تعليقات