كتبت: مريم هيثم
- إن العلاقات جميعها وبكل أشكالها تبدأ بداية جيدة ممتعة وفيها كل صور التفاهم والتقدير ويتم الاتفاق فيها على كل شيء حتى طريقة المعيشة والمسؤوليات والتربية، لكن بعد مرور سنوات، يصبح كل شيء عاديًا وغير مُبهِر على الإطلاق، بل تجد الطرفين يكرران مقولة "البداية والسنوات الأولى كانت أفضل"..
- لماذا تتغير المفاهيم والأهداف بعد الزواج؟
- الإجابة: كما نسمع دائمًا أن الحُب والمشاعر تأخذ شكلًا آخر؛ لأن بعد الزواج كل المجهود الذي كان يُبذَل من أجل إرضاء الآخر أصبح غير مهم لأنهم بالفعل أصبحوا في مكان واحد معًا وتقبلوا بعضهم بكل المميزات والعيوب وكل منهم رأى الآخر على طبيعته وبدأ كل طرف ينشغل بمسؤولياته "الزوج بعمله ليوفر مصاريف المعيشة واحتياجات المنزل واحتياجات زوجته سواء كانت امرأة عاملة أو غير عاملة - الزوجة ومسؤولياتها خارج المنزل إذا كانت عاملة وداخل بيتها من تنظيف، ترتيب، طهي، وغيرها".
المشاركة وعلاقتها بتربية الأبناء
لماذا يُنظَر للأب / الزوج علي أن دوره فقط أن يوفر المال والأم / الزوجة دورها تنظف وتربي فقط؟
- نرى حاليًا أن مسؤولية التربية تقع على الأم وحدها باعتبار أن وقتها الأكبر داخل المنزل ومع الأبناء وهذا شيء خاطئ ومُجهِد بشكل كبير، خاصة إذا كانت عاملة.
- ليس من الصحيح أبدًا أن تكون الأم في نظر الابن هي من تعطيه كل شيء وتفعل له كل شيء، كما أنه لا يحذر من تصرفاته أمامها بل يعلم مسبقًا طريقة عقابها له ولذلك لا يؤثر ولا توجد نتيجة مُجدِية.
- يكون الأب في نظر الابن هو من يوفر له المال وكل ما يريد، خاصة إذا كان غائبًا وظروف عمله تضطره أن يكون بعيدًا عن المنزل مدة طويلة فيبدأ بتعويض غيابه عن طريق عدم الرفض.
- أحيانًا أخرى تكون الأم هي من تساعد وتطمئن وتحمي والأب هو الآمر الناهي ووسيلة العقاب والترهيب ... وهذا الشكل / الأسلوب من التربية يسبب اهتزاز وتشوش عند الأبناء ويظهر أحد الأبوين بصورة جيدة والآخر بصورة قاسية.
- في المذاكرة، في الخروج معًا، في الخلافات في المدرسة أو مع الأقارب، يجب أن يكون الأبوين معًا، لا يصح أن يكون واحد فقط منهم هو من يقوم بكل الأدوار.
- يجب أن تكون كلمتهم واحدة والشيء المرفوض عند أحدهم لا يوافق عليه الآخر والكثير من القواعد التي يجب أن يتفق عليها الزوجين مسبقًا حتى قبل الإنجاب.
المشاركة وعلاقتها بالحياة اليومية
لا بأس من المساعدة والمشاركة من الزوج لزوجته حتى في أعمال المنزل واستشارة الزوج لزوجته في مشكلة أو أخذ رأيها في عمله، ولا يُقال (هذا دورك)، لأن كل شيء يتم من باب المودة والرحمة، ليس من باب التقليل من بعضنا أو إثبات أن ما أقوم به أهم مما تقوم به أنت.
الشريكين اختارا بعضهما ليتشاركا في الحياة بكل ما فيها، ليس من الطبيعي أن يحتفظ كل منهم بمشاكله وهمومه لنفسه ويعانوا بعد ذلك من مشاكل فقدان التواصل؛ لأن ذلك يؤثر عليهما سلبًا وعلى علاقتهما؛ لأن كل منهم سيفرغ غضبه في الآخر بدون شرح والطرف الثاني يظل مُستَقبِل للعصبية ولا يعرف كيف يتصرف بل يأخذ الوضع على محمَل آخر ويتحول لمشكلة عدم التقدير وعدم إعطاء كل منهم وقت للآخر لحريته الشخصية.
الحياة الزوجية والعلاقات السليمة يجب أن تقوم على الآتي
1- وِحدة الهدف: الطرفين يوحدون جهودهم في سبيل تحقيق الاستقرار والسعادة لحياتهما معًا ويعلموا ماذا يجب أن يفعلوا لنجاح العلاقة وتكوين أسرة هادئة مستقرة.
2- فهم الشخصية: لا يمكن للإنسان أن يتعامل مع شخص آخر إلا بعد فهم شخصيته وطبيعته والقيم والمبادئ التي يتبعها ويسير عليها ومدى التفاهم ووجود لغة حوار؛ لأن ذلك هو الذي يجعل العلاقات تكتمل أو تنتهي عند نقطة معينة.
3- الأشياء المشتركة: بدون أن يرتبط الزوجين بأشياء مشتركة بينهم فكريًا وعاطفيًا لا يمكن أن يتقدما في سبيل المشاركة الفعالة وتحقيق السعادة في العلاقة، يجب أن تربطهم روابط التفاهم، الحب، الهدف الموحد، الرغبة في البقاء معًا، الاستقرار، لأن كلًا منهما لديه أفكار مختلفة ولكن الغاية هو التقارُب.
4- الصبر عند الأزمات: كل العلاقات في الحياة مُعرّضة للمشاكل وعند الخلاف تظهر أساس وجذور العلاقة ومدى صلابتها وهكذا أيضًا، في الحياة الزوجية يجب أن نتفهم هل نحن ضد بعضنا أم نحن معًا ضد المشكلة التي تواجهنا؟ هل نحاول أن نجد حلًا يرضي الطرفين أم كل مِنّا يحاول أن يُظهِر للآخر أنه مخطئ؟ هذا لن يحدث إلا إذا كان هناك نوع من التفاهم والنقاش والتحمُل وتجنب العِناد.
5- المشاركة الإيجابية: خير ما يُقدَّم للزوج / الزوجة في حياته/ا، هي المشاركة الإيجابية والدعم في العمل، الطموح، العلاقات، التربية .. فهي تملأ النفس إشراقًا وتفاؤلًا وعزيمة على صُنع الأفضل.
"لا أحد سيُحب حياته مليئة بالعناد والصراخ، بل نحن من نضع لها حدًا ولا نحارب بعضنا، بل نحارب معًا ضد المشاكل"
- لا يجب التقليل أبدًا من دور أحد ولكن من البداية لابد أن يعرف الطرفين المفهوم الصحيح للزواج فهو ليس رخصة لحياة أوسع نفعل فيها ما كان ممنوع وليس نهاية حياة كما يُقال بمجرد أن تزوجنا لا يوجد شيء آخر نفعله، ولا هو أيضًا بداية حياة جديدة بمصاعب ومشاكل مختلفة.
- الزواج شيء سامي وطالما قَبِلت به وقَبِلت بدخول شريك حياة إلى حياتك يعني أنك رضيت بمشاركته كل شيء ومسؤول عن كل ما يخص هذه الحياة الجديدة، بل وعلى العمل عليها لتكون سعيدة ومستقرة وآمنة.