كيفية التعامل مع الشخصيات الحساسة

بقلم: رانيا مسعد

تختلف أنواع وأنماط الشخصية فمنها القوية والضعيفة، الخجولة والمنفتحة، وغيرها من الأنواع. أحد تلك الأنواع هي الشخصية الحساسة أو الهشة نفسيًا، في هذا المقال سنتعرف على طبيعة الشخصية الحساسة وسبب تلك الحساسية وكيف نتعامل معها؟

 الشخصية الحساسة

جميعنا قابلنا الشخص الذي قد يبكي ويتأثر من كلمة غير مقصودة، قد ينهار من نظرة أو موقف أحرجه، كثير التفكير ، قليل الصداقات … هذا ما يسمى بالشخصية الحساسة.

الشخصية الحساسة هي التي لديها حساسية متزايدة وعميقة للجهاز العصبي والاستجابة المفرطة للمنبهات الجسدية والعاطفية والاجتماعية، ويعاني أكثر من 20% من سكان العالم من الحساسية المفرطة، إلا أن الطرف الآخر لا يمكنه تقبلها، وبالتالي تؤثر بالسلب على الصحة النفسية.

المعاناة التى يواجهها الشخص الحساس

- لا يتحمل الضوضاء: يرى البعض الشخصية الحساسة مملة بسبب ابتعاده عن أي تجمعات أو حفلات، حيث تزعجه المؤثرات الخارجية وسماع الموسيقى وآلات التنبيه، ويبدأ في التوتر والعصبية المفرطة، التي تصل إلى الجنون.

- قوة حاسة الشم: الشخص الحساس يتمتع بحاسة شم قوية، لذلك تتسبب الرائحة العطرة في شعوره بالنشاط، ومن المحتمل عند التعرض للروائح القوية أن تتسبب في إزعاجه، حتى من الممكن أن يترك المكان للابتعاد عن الرائحة.

- شديد الحساسية "البكاء بسهولة": الشخصية الحساسة سريعة البكاء بسهولة، عند التعرض للحزن أو الفرح، لذلك عندما تجد شخص يبكي عند الفرح، لا تسخر منه.

- العصبية الزائدة عند الجوع: يقول أحد الأشخاص "أفقد عقلي عندما أجوع"، حيث يعاني الشخص الحساس من التوتر والانزعاج الشديد عند الجوع، وذلك بسبب تغيّر مستوى السكر في الدم.

- كره القسوة والعنف: الشخصية الحساسة لديها كره لجميع أشكال العنف والتعامل بالقسوة، حيث يواجه شعور بالألم عند مشاهدة مقاطع تثير الرعب أو القسوة.

- الحدس التنبؤي "الحاسة السادسة": الشخصية الحساسة لديها القدرة على التنبؤ بالأشياء والمواقف، لديه براعة في فهم من حوله من خلال قراءة لغة الجسد وتعبيرات الوجه.

- الإصغاء والرزانة: من طبيعة الشخصية الحساسة هي الهدوء والرزانة، حيث تمتلك صفة الإصغاء والاستماع إلى الآخرين، والتخفيف عنهم، لذلك نجده من أكثر الأشخاص الذين يتمتعون بثقة من حولهم.

- الحساسية العاطفية المفرطة: الشخص الحساس غالبًا ما يواجه مشاكل بسبب صفاته الحساسة، لأنه يصعُب عليه وضع حدود مع الشريك، مما يعرضه إلى الاستنزاف والإرهاق العاطفي من الطرف الآخر، والتي تؤثر على حالته النفسية.

- التوتر من ضغط الوقت: "لا تثقل العمل وتحدد لي ثوانِ أنجز فيها مهامي"، يشعر الشخص الحساس بالتوتر الشديد عند فعل أي شيء يفوق قدرته أو يدعوه للتعجل، وليس لديه وقت كافٍ لإنهائها، لذلك لا تضعه تحت ضغوطات.

- دائم البحث عن وجوده بالحياة: ما لا تعرفه عن الشخصية الحساسة أنها دومًا ما تطرح بعض الأسئلة على نفسها، وعن سبب وجودها بالحياة، وكيف تعيش حياتها بداية من الصباح الباكر وحتى النوم.

الشخصية الحساسة طموحة تبحث عن الأفضل دائمًا، يملأها الشغف تجاه ما تقوم به، لذلك نجده شخص ناجح ومتفوق في مجاله.

من المحتمل أن تجد هذه العلامات والمواقف نتعرض لها جميعًا ولكن حدتها على الشخص الحساس تعتبر أكثر إزعاجًا مقارنة بالشخص العادي. 

سبب الحساسية النفسية لدى بعض الأشخاص

يُعتقد بأنّ الشخصيّة الحساسة ناتجة عن مزيج من العوامل الجينيّة والوراثيّة في العائلة، فقد رَبط العلم فعلًا بعض المتغيّرات الجينيّة بصفة الحساسيّة لدى الأشخاص، ومن جانب آخر، فإنّ البيئة المحيطة كالأسرة، والمدرسة، والأهل، والتي يمضي فيها الأشخاص طفولتهم المبكّرة، لها تأثير كبير يفوق تأثير العوامل الوراثية والجينيّة في خلق شخصيّات حسّاسة.

التعامل مع الشخصية الحساسة

الشخص الحساس ليس مريض نفسي، إنما شخص له طبيعة خاصة تحتاج للتفهم والاحتواء فقط وهناك بعض النقاط التي تبيّن لنا كيف نتعامل مع الشخصية الحساسة كما يلي:

نصائح تتعلّق بالشخص الحساس نفسه

يمكن للشخص الحساس أن يتّبع بعض النصائح التي تساعده في مواجهة ضغوط الحياة، وفيما يأتي بعض منها:

- تجنّب المواقف التي قد تُشعرك بالإرهاق والتوتر وتثير مشاعرك.

- ركّز على الأمور الإيجابية في حياتك، وحاول أداء بعض الأنشطة التي تزيد من سعادتك وتُقلّل من التوتر لديك.

- تجنّب الضغوطات وكل ما يستنزف طاقتك ويُشعرك بالضيق؛ كالأصدقاء السلبيين.

- لا تخجل من رفض أي مطلب يسبب لك الإجهاد ولا يُشعرك بالرضا.

- أحِط نفسك ببيئة آمنة وتُشعرك بالراحة.

نصائح تتعلّق بالأشخاص المحيطين بالشخص الحساس

يبين ما يأتي بعض النصائح التي تساعد الأشخاص المحيطين بالشخص الحساس على التعامل معه.

- افهم صفات الشخصية الحساسة: يجب عليك إدراك أنّ الحساسية صفةً ليست من اختيار الشخص نفسه وقد تلازمه طوال عمره دون أن يستطيع التحكم بها، كما أنّ الشخص الحسّاس قد يعاني من بعض الصفات التي تُشعره بالضيق والتوتر؛ كالخوف من الخلافات والنقاشات الحادة مع الآخرين، ويجدر بالذكر أن فهم صفات الشخص الحساس سيساعدك على التعامل معه بصورة جيدة ولطيفة، إلى جانب تجنّب اتهامه بأنّه شخص درامي، أو ضعيف، أو كسول، أو غير ذلك من الصفات السلبيّة.

- تفاعل مع الأشخاص الحساسين بشكلٍ إيجابي: يمكنك دعم الشخص الحساس ومساعدته في التعامل والتأقلم مع شخصيته الحساسة بصورة أفضل بدلًا من البحث عن طرق لجعله أقل حساسية، وذلك من خلال مساعدته في تنمية مهاراته واتّباع طرق تساعده على التأقلم والتكيّف، مع مراعاة تقديم الدعم والتشجيع المستمرين له، والتركيز على إشعاره بالتقدير والاحترام.

- تعامل مع الأشخاص الحساسين بلطف وصبر: يستجيب الشخص الحساس للشخص اللطيف بصورة كبيرة، لِذا احرص على التعامل معه بلطف، وحافظ على نبرة صوت هادئة أثناء الحديث معه، فذلك يشجعه على الاستجابة لك والانسجام معك، على العكس من اللّجوء إلى السلوك العدواني الذي يجعل الشخص الحساس يتجنّب التفاعل معك وينغلق على نفسه.

- شجع الأشخاص الحساسين على تهدئة أنفسهم: عليك التدخّل عندما تشعر بأنّ الشخص الحساس يمر بحالة من التوتر والارباك والقلق، وذلك من خلال محاولة مساعدته على أن يستريح ويأخذ نفسًا عميقًا، أو أن يترك المكان ويذهب إلى مكانٍ آخر أكثر راحة وهدوء؛ كي يكون قادرًا على إدارة مشاعره والتحكم بها.

في النهاية، علينا أن نفهم أننا نختلف عن غيرنا وعلينا وعلى الآخرين احترام هذا الاختلاف.