بقلم: رانيا محمود مسعد
قد تستحوذ علينا أغنية تتكرر باستمرار في أذهاننا، ولا نستطيع التخلص منها، أو كلمة سمعناها ولا نستطيع إيقافها، أو شغف بحب أشخاص معيّنين أو بجمع أغراض كالساعات، والأحذية، والسيارات، وغيرها من الأشياء، قد يتجاوز هذا الحب المقدار الطبيعي ويخرج عن السيطرة أحيانًا ويتحول إلى مرض، فنصل لمرحلة عدم القدرة على التوقف، فيصبح الشغف هوسًا يستحوذ على كياننا. يُطلق على تلك الحالة "الهوس الشغفي".
ما هو هذا مرض الهوس الشغفي، ولماذا يحدث؟ وكيف نعالجه؟
ما هو مرض الهوس الشغفي Erotomania؟
هو مرض نفسي نادر لا يتجاوز 2% من المجتمع، المصاب بهذا المرض يصاحبه الكثير من الاضطرابات النفسية، وتحديدًا اضطرابات الشخصية السيكوباتية، فيفوق شغفه بالأشياء والأشخاص الحد الطبيعي، فيتعلق بها تعلق مرضي قد يصل لحد القتل أو الانتحار أحيانًا.
الهوس الشغفي يتفاوت في شدته، من مجرد الهوس الخفيف المعروف باسم (hypomania) للهوس الكامل مع وجود أعراض الذهان (كالهلاوس والأوهام).
يرتبط الهوس الخفيف بالإبداع والمواهب الفنية.
قد يصل الهوس الشغفي لحد اعتقاد الفرد المصاب أن هناك شخص ما يقع في حبه وغرامه، أو أنه يحب شخص ما، على الرغم من عدم وجود دليل واضح، أي يعتقد أن هذا الشخص يتواصل معه ويؤكد حبه له، حتى ولو لم يلتقي به.
عادة ما يحدث الهوس الشغفي مع المشاهير أو الأثرياء ذوي المكانة الاجتماعية الكبيرة.
الهوس الشغفي حالة صحية نادرة الحدوث، وتصاب به النساء أكثر من الرجال.
أعراض الهوس الشغفي
من أكثر علامات الهوس الشغفي هي الاعتقاد الدائم لدى الفرد أن شخص ما يقع في حبه، ويرسل له رسائل سرية، ويتطور هذا الوهم ويستمر على الرغم من عدم وجود دليل واضح.
يتحدث الشخص المصاب بالهوس الشغفي عن الشخص الآخر باستمرار، لدرجة الهوس.
تشمل الأعراض الشائعة ما يلي:
1_ البحث الدائم والمستمر بشكل مفرط عن الشخص الآخر، خاصة إذا كان من المشاهير أو الشخصيات العامة.
2_ إرسال الرسائل النصية باستمرار إلى الشخص المعجب به.
3_ إجراء مكالمات هاتفية متكررة دون ملل.
4_ الاقتناع والتوهم أن الشخص الآخر يحاول التواصل سرًا من خلال النظرات والإيماءات والرسائل وظهوره في البرامج التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي.
5_ ملاحقة الشخص الآخر ومطاردته ومحاولة الاتصال به بأي شكل ممكن.
6_ الشعور بالغيرة والاعتقاد أن الشخص الآخر على اتصال بالمعجبين وأنه ليس مخلص لك.
7_ فقدان الاهتمام بالأنشطة وممارسة الحياة اليومية، سوى التحدث عن هذا الشخص، والقيام بالأنشطة المتعلقة به.
أسباب حدوث الهوس الشغفي
أشارت العديد من التقارير أن هوس الشغف نوع من الاضطراب التوهمي، والذي يشمل:
1_ الشعور بالاضطهاد.
2_ العظمة.
3_ الغيرة.
كما يرجح الأطباء أنه أحد أعراض الأمراض النفسية، بما في ذلك:
1_ الفصام.
2_ الاضطراب الاكتئابي.
3_ اضطراب ثنائي القطب.
4_ مرض ألزهايمر.
5_ الاضطراب الفصامي العاطفي.
من المحتمل أن يبدأ الهوس الشغفي فجأة، وعادة ما تستمر الأعراض لفترة طويلة.
مضاعفات الهوس الشغفي
- قد يؤدي لحدوث مضاعفات عديدة، وحالات عدوانية بسبب مطاردة الشخص الآخر.
- قد يصل لحد الانتحار أو محاولة قتل أشخاص آخرين.
علاج مرض الهوس الشغفي
قد يصبح علاج الهوس الشغفي صعب، خاصة أن المصابين بهذا الاضطراب من المحتمل أنهم ليسوا قادرين على رؤية معتقداتهم التي ليس لها أساس من الصحة.
عادة ما تتم الطرق العلاجية وفقًا لاحتياج كل شخص مصاب، وعادة ما يلجأ العديد من الأطباء إلى:
1- العلاج الدوائي: يلجأ الطبيب إلى وصف العقاقير الطبية، إذا كان المريض يعاني من نوبات الهوس، وعادة ما تشمل الخطة الدوائية، الآتي:
ا_ مضادات الذهان.
ب_ المهدئات.
ج_ مضادات الاكتئاب.
2- العلاج المعرفي السلوكي: ويكون من خلال:
- التركيز على الأولويات والحفاظ على احتياجات كل شخص مصاب.
- تحسين نوعية حياة الشخص المصاب، من خلال كيفية ادارة الأعراض.
- اكتشاف كافة النواحي المرضية للمصاب، من خلال معرفة كافة الاضطرابات النفسية ومشاعر الوحدة ومعرفة قيمة الذات، وذلك لحل المشاكل والاضطرابات التي تؤدي إلى الإصابة.
- أن يتعرف المريض على حالته، مع كيفية التعامل مع الأعراض، خاصة في نوبات الهوس، والتصرف أوقات حدوث الانتكاسة.
في النهاية على كل أسرة ملاحظة أبنائها، وملاحظة سلوكياتهم إن اضطربت، وإن تم الشك يجب اللجوء للطب النفسي، فإن تم تشخيص حالة "الهوس الشغفي" فيجب البدء على الفور بالعلاج لتفادي حدوث مضاعفات، ويكون العلاج تكامليًا يجمع ما بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي بالجلسات النفسية.
تعليقات
إرسال تعليق