القائمة الرئيسية

الصفحات

تحرر من آلامك النفسية عبر الكتابة العلاجية

كتبت: شان مسلم

تحرر من آلامك النفسية عبر الكتابة العلاجية

تختنق أرواحنا تحت وطأة الضغوط المحيطة بنا من كل جانب، تمر بنا الأزمات، تشطرنا إلى نصفين وكل نصف يقاتل الآخر، ننهار ونبكي ونبحث عن مُنْجِد ومعين، فمنّا من يتمكن من إيجاد قريب أو صديق بالقرب منه فـيبوح له عمّا يؤلمه، وآخر لا يجد سوى الحائط ليحادثه، وفي ظل هذه المعاناة تظهر لنا معاناة أخرى، هل نذهب لطبيب نفسي وتخبر نفسك قائلًا "هيقولوا عليا مجنون، لا خلاص مش هروح"، ولكن ماذا لو وجدت الحل السحري عبر الكتابة، ولكنها ليست تلك الكتابة العادية كـكتابة الروايات والقصص، ولكنها كتابة بغرض العلاج، كتابة لتتعافىٰ وتخرج كل ما يؤلمك، كل ما تحتاجه هو ورقة وقلم أو حتى "شات" خاص بينك وبين نفسك أو مدونة إلكترونية، وسنوضح لك في هذا المقال كيف تستخدم الكتابة العلاجية لتتعافي.


ظهر هذا النوع من العلاج النفسي عن طريق عالم النفس جيمس بيكر في عام 1986، حيث طلب من مجموعة من الطلاب أن يقوموا بالكتابة لمدة 15 دقيقة يوميًا عن أكبر صدمة أو موقف مرّ بهم، ليكتشف بعد ستة أشهر من الملاحظة أنهم تمتعوا بصحة أفضل.


ذكر جيمس بيكر في كتابه "الكتابة التعبيرية- كلمات للشفاء" الذي أصدره في 2014 عبارة جميلة تقول: "إن التعبير بالكلمات على الورق أو حتى على الكمبيوتر سحر لن يلمسه إلا من مارس الكتابة من أجل التعافي"، وقال محمد زين مؤسس موقع Zaintopia.com "إن الكتابة عادة من أجل السعادة"، حيث قام بإطلاق مبادرة زين توبيا في مطلع عام 2020 وكان هدفه حياة نفسية أكثر اتزانًا ينعم بها الجميع، حيث يعمل كمدرب في مجال تمارين العلاج بالكتابة "الكتابة العلاجية" واكتساب قدرات التعافي النفسي الذاتية، وتعد المبادرة الأولى من نوعها في مصر.


العلاج بالكتابة (Writing Therapy)


 هو استخدام الكتابة في تفريغ الذهن من الأفكار السلبية، والتعبير عن المشاعر التي يضيق بها الصدر، بغرض التحسن، وهو أحد تقنيات العلاج السلوكي التي تعتمد على فلسفة مواجهة الألم والقلق


وتمتاز هذه الطريقة العلاجية بأنها تناسب جميع المراحل العمرية بدءًا من الأطفال – فور تعلمهم الكتابة- وحتى كبار السن، كما أنها يسهل تطبيقها، بالإضافة إلى أنها غير مكلفة بالمرة، فهي لا تتطلب سوى ورقة وقلم ومكان مناسب، كما أنها آمنة تماما، ويمكن ممارستها في أي وقت وزمان شرط مناسبتهما للشخص.


مقومات الكتابة العلاجية


1- غير مطلوب منك أن تكون كاتب محترف، فلا تراعِ فيها التسلسل المنطقي ولا تهتم بالأخطاء الإملائية والنحوية، فالهدف هو إخراج كل ما يشتعل في ذهنك وقلبك.


2- اكتب لنفسك، فشعور أن هناك من يقرأ ما تكتب يعرقل سلاسة الكتابة وبالتالي يفسد نجاح العلاج بالكتابة.


3- لا تهتم بمقدار الكتابة، فالهدف هو أن تتحسن حالتك النفسية وتشعر بالارتياح، بل عليك بالتوقف عن الكتابة فور شعورك بالراحة والهدوء الداخلي.


أنواع للعلاج بالكتابة


- التدوين الحر: تستخدم عادة قبل النوم، وتقوم فيها بكتابة كل ما يرِد على ذهنك من أفكار ومشاعر وبطريقة عشوائية، لا تراعي فيها التسلسل المنطقي، ثم تستمر لمدة 15-30 دقيقة بالكتابة على هذا النحو قبل خلودك إلى النوم، يعالج هذا النوع من الكتابة التشتت والأرق فهو يحسن التركيز والصفاء الذهني، إضافة إلى ما يمنحه من نوم عميق ودائم.


- الجمل المتقطعة: خلال أوقات يومك المختلفة قم بكتابة جمل قصيرة تصف بها حالتك الوجدانية (أشعر أنني حزين بشأن...)، (أفضل موقف حدث لي اليوم عندما...) ثم بعد فترة عُدّ إلى الجمل المكتوبة ولاحظ ما الأمور المشتركة بينها، ثم اخلق قائمة تجمع بينها، وحدد ما يسعدك وما يزعجك، وذلك يساعدك على معرفة نفسك أكثر وكيف تواجه المواقف الصعبة.


- كتابة الأحداث الصعبة: فوّر تعرضك لموقف صعب وقاسِ، قم بتدوين المشكلة، وصِف فيها تفاصيل الموقف والمشاعر والأفكار التي انتابتك أثناء حدوثها. افعل هذا لمدة 20 دقيقة لأربعة أيام متتالية. ستلاحظ أن ما كتبته في اليوم الرابع هو أقل مما كتبته في اليوم الأول، ويعد هذا دليل على التعافي. ويساعد هذا النوع من الكتابة على أن تبقى الصحة النفسية في أعلى نشاطها الإيجابي لفترة تمتد حتى أربعة أشهر متواصلة.


- كتابة اليوميات: أن تكتب أبرز ما تعرضت له من مواقف خلال اليوم، سواء كانت إيجابية أو سلبية، تعد هذه الطريقة سجل تاريخي يحفظ سيرتك الذاتية ويحمل بيانات دقيقة تصف شخصيتك وطباعك، وبالتالي فهي دليل موثوق للباحثين عن ذواتهم والراغبين في اكتشافها.


- الكتابة التأملية: وفي هذا النوع من الكتابة تقوم بتأمل الأشياء من صور ومجسمات وأشجار وطيور وطبيعة. وتركز على تفاصيل الأشياء وتكتبها.


- الخريطة الذهنية: عندما تواجهك مشكلة، فلا أفضل من أن ترسم لها خريطة تضع عنوان المشكلة في منتصفها ثم تتفرع جذور من الدائرة تضع فيها الحلول المقترحة لحلها.


فوائد الكتابة العلاجية


- الخروج من حالة الحزن والاكتئاب.


- الشعور بالسيطرة، بإمكانك حرق الورقة بعد انتهائك من إفراغ مشاعرك.


- تساعد على تحسين نظرتك للأمور ولنفسك وإعادة تقييم الموقف بحيادية.


- تساعد على تحسين الذاكرة والاسترخاء والتخلص من القلق.


- تحسين الجهاز المناعي.


في النهاية اكتب لتتخلص من آلامك وأحزانك ولتشفىٰ جروح روحك، فقد أصبحنا في عصر لا يمكنك فيه الوثوق بأحد، كما أن كلٌ مشغولٌ بذاته، فلن تجد دائمًا من يستمع لأنّات روحك، اكتب عن ذاتك لذاتك لتصل بها لأفضل صورة ممكنة، اكتب لتحيا.. فالكتابة حياة وعلاج للصدور.

تعليقات