القائمة الرئيسية

الصفحات

تعدد الزوجات في الجزائر...عادة أم حاجة

كتبت: فرح جلول

تعدد الزوجات في الجزائر...عادة أم حاجة


 بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

"وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا (3)"

     صدق اللَّهُ العظيم

 

هي الآية الثالثة من سورة النساء، من القرآن الكريم، تضع المجتمع الإسلامي عموما، والجزائري بشكل خاص في صراع حلقته مستديرة لتُشن حرب مستمرة بين الرجل والمرأة، بل وحتى بين الرجال والنساء فيما بينهم.


وسط استفهامات مثيرة للحيرة والجدل بين حق مشروع يراه الرجل ومعارضة شرسة من المرأة يبررها الكبرياء والغيرة.  

 

هُنا أول تساؤل: هل تعدد الزوجات يُجسد حرية شخصية، أم أنه محكوم بقيود؟ 


هل الزوجة الأولى أحد هذه القيود؟


إجابة هذا السؤال يكفلها تحليل الآية القرآنية، ليُعدّل هذا التحليل الميزان بين كفة الحرية في التعدد وبين قيد أو بالأحرى ضوابط هذه الحرية، ليكون أول شرط للتعدد حسب علماء الدين و الفقهاء:


العدل:


سواء في المأكل، المشرب، الملبس، المسكن وحتى في الأمور المعنوية، أي لا تفريق في المال أو المبيت بين الزوجات، إذ يجب على الرجل أن يحرص كل الحرص على أن يعدل بين زوجاته، فلا يميّز بين إحداهن حتى ولو كانت مشاعره تميل نحو واحدة دون الأخرى حفاظًا على مشاعر المرأة، وهنا إثباث آخر من نفس السورة (النساء) الآية 129 بعد بسم الله الرحمن الرحيم "وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (129)".


القدرة الجسدية: 


أي يجب أن يتمتع بصحة جيدة تُمكنه من ممارسة الواجبات "العلاقة الزوجية المشروعة" دون تقصير. 

                                                

القدرة المادية: 


من شروط التعدد أيضًا، أن يكون الزوج كافيًا لبيته الأول ويمتلك الإمكانيات المادية لتغطية مصاريف الزوجات والأبناء، وهنا استفهام آخر: لماذا يرى الجزائريون تعدد الزوجات متعلق رئيسًا بتوفر الأموال وليس بموافقة الزوجة الأولى؟.


في تحقيق لمراسلي "العهد نيوز" إن هذه الفئة ترى أنه إذا توفر المال، فإن النساء كثيرات ولا يهم رضاهن بالوضع من عدمه، كما أكد آخرون قناعتهم بالتعدد وأنها سنة تُعيقها الحالة المادية المهترأة فقط.  

                                                                              

إن عدنا إلى نقطة موافقة الزوجة الأولى التي يراها الجزائري أمرًا ثانويًا ومسألة إبقاءها على ذمته ترجع إليها سواءًا أرادت الحفاظ على أبنائها أو الانفصال، أما عن حكم الدين الإسلامي على المرأة التي تطلب الطلاق من زوجها عندما يرغب بالزواج مرة أخرى فهو أمر غير شرعي ولا يجوز لها فعل ذلك مادام الزوج يطبق كل شروط التعدد السالف ذكرها. 


تساؤل آخر يستحق التأمل والتحليل، "بما أن الدين الإسلامي نصر المرأة ومنحها حقوقها وأوصى بحفظ مشاعرها من كل أذى، فلماذا وما الحكمة إذن من تشريع الله سبحانه و تعالى تعدد الزوجات، مع أن ذلك يثير غيرة الزوجات وكبريائهن؟.  


حول هذا التساؤل يجيب علماء الدين والفقه،  حيث ذكروا أن في التعدد عفة للنفس، الناس، وفوائد للأمة وسلام بين الأفراد والشعوب...كيف؟. 


إعفاف للنفس:


بحكم تواجد رجال كثيري الرغبة الجنسية وبالتالي فإن زوجة واحدة مع وجود أعراض فيسيولوجية كالدورة الشهرية، الحمل والرضاعة، وغيرها، كلها تزيد من ضعف نفسه أمام المغريات الاجتماعية، لذلك شرّع الله التعدد كي يقي الرجال من الوقوع فيما حرمه سبحانه وتعالى. 


إعفاف الناس:


دليل ذلك، أن ليست كل امرأة تجد رجلًا أعزبًا، خاصة وأن تعداد النساء أكثر من الرجال نظرًا لكثرة الحروب، كما يضيفون أن هناك أرامل ومطلقات ويتامى بحاجة إلى رعاية وإنفاق وسند في الحياة، بالتالي فإن الزواج يعتبر الحل الشرعي لكل هذه الحالات.

 

فائدة للأمة :


 إذ أن التعدد يتيح المجال للثكاثر، امثثالا لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" (عن معقل بن يسار). 

 

سلام بين الأفراد و الشعوب:


وهنا تجدر الإشارة إلى أن الزواج من مناطق مختلفة وقبائل متعددة قد يربط حبال الوصال والمحبة بين هؤلاء وقد يكون كفيلًا لحل النزاعات والقضاء على آفة الجهوية الطاغية في المجتمع الجزائري على وجه الخصوص.  


سؤال آخر يثير حيرة الأفراد: لماذا أربعة زوجات؟. لماذا ليس أقل أو أكثر؟.


 هو بكل أمانة السؤال الذي لم يجد له العلماء والمختصين أي تفسير دقيق حتى إن بعضهم يربط الرقم أربعة بالفصول الأربعة للسنة.

 

في حديث لموقع العهد نيوز مع المحلل الاجتماعي (ي،س) عن أسباب تزوج الجزائرين سرًا دون مصارحة زوجاتهم بالأمر، يقول: إن الرجل الجزائري يدرك تمام الإدراك أن المرأة الجزائرية لا تتقبل فكرة التعدد تحت أي ظرف من الظروف حتى ولو كان الأمر من باب المزاح فقط.


يضيف: إن سيكولوجية المرأة تجعلها تفسر أي تصرف أو انقلاب مزاجي لزوجها بتعلقه بزوجة أخرى، ليتحول الأمر إلى اللا وعي فتصبح على قناعة بأن لها "ضُرة" بل وتبحث عن الأدلة حتى تجدها أو ربما تخلقها بضغطها المتواصل على زوجها ليُفكر هو الآخر في الموضوع ويُنفذه حتى ولو لم يكن يرغب في التعدد من قبل.   


فيما يرى بعض الشباب، أن المودة والرحمة هما الركيزتان الأساسيتان لتقوية العلاقة الزوجية وحمايتها من التعدد الذي يشكل هاجسا بالنسبة للزوجة وبل وخيانة في نظرها ويؤكدون أن زوجة واحدة قد تكون بمثابة أربع نساء بل وبنساء العالم كله.   

 


لتبقى مسألة تعدد الزوجات سنة مشروعة تحكمها ضوابط شرعية تضمن لكل ذي حق حقه لتحافظ بذلك على استمرارية الحياة، وربما حتى استمرارية حلقة الصراع بين الرجال و النساء.

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. تحليل منطقي وإلمام بجميع جوانب الموضوع. ويبقى لكل شخص اختياره حسب قناعاته

    ردحذف

إرسال تعليق