كتبت: صفاء حامد
أصبح الانزلاق الغضروفي العنقي في السنوات الأخيرة من المشاكل الصحية الشائعة التي يعاني منها الأفراد على اختلاف أعمارهم، ويعود السبب الرئيسي وراء هذا الانتشار المتزايد إلى الاستخدام المفرط للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. فبينما تمثل التكنولوجيا الحديثة وسيلة تسهيل كبيرة في حياتنا اليومية، فإن الجلوس بوضعيات غير صحية لفترات طويلة أدى إلى تفاقم مشكلات العمود الفقري، خاصةً في المنطقة العنقية مسببًا أعراضًا مزعجة وأحيانًا خطيرة للأشخاص.
ما هو الانزلاق الغضروفي العنقي؟
يحدث الانزلاق الغضروفي العنقي عندما تنزلق إحدى الأقراص الغضروفية الموجودة بين فقرات العنق عن مكانها الطبيعي، مما يضغط على الأعصاب المحيطة بالعمود الفقري في تلك المنطقة. وهذا الضغط يسبب آلامًا حادة، وتنميلًا في الذراعين، وأحيانًا يصل إلى الشعور بالضعف في الأكتاف والذراعين. وقد تكون الآلام في بعض الحالات مصحوبة بصداع أو دوار نتيجة لتأثر الأعصاب في منطقة العنق.
دور الهواتف الذكية في زيادة حالات الانزلاق الغضروفي
تعتبر الهواتف الذكية أحد أبرز الأسباب وراء انتشار الانزلاق الغضروفي العنقي؛ وذلك بسبب الوضعيات السيئة التي يتخذها المستخدمون عند استخدام هذه الأجهزة لفترات طويلة. فالوضعية الشائعة لإمساك الهاتف تكون عن طريق انحناء الرأس والرقبة إلى الأسفل، مما يزيد الضغط على فقرات العنق والغضاريف. وقد أثبتت الدراسات أن الانحناء المتكرر للرقبة إلى الأمام بزاوية تزيد عن 15 درجة يمكن أن يضاعف الضغط على فقرات العنق بنسبة تصل إلى خمسة أضعاف، حيث تزداد الحمولة على فقرات العنق بشكل كبير.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من الأشخاص يقضون ساعات طويلة يوميًا على أجهزتهم، سواء أثناء العمل أو في وقت الفراغ. ومع مرور الوقت، يؤدي ذلك إلى إرهاق الفقرات، وتقليل مرونة الغضاريف العنقية، مما يزيد من خطر الانزلاق الغضروفي.
أعراض الانزلاق الغضروفي العنقي
غالبًا ما تشمل أعراض الانزلاق الغضروفي العنقي ما يلي:
- آلام في العنق: تتراوح شدتها من معتدلة إلى حادة، وقد تنتشر إلى الكتفين والذراعين.
- تنميل وضعف: قد يشعر المريض بتنميل أو وخز في الذراعين واليدين.
- الصداع: قد يكون ناتجًا عن شد عضلات الرقبة أو الضغط على الأعصاب في المنطقة العنقية.
- تقييد الحركة: يصبح تحريك الرأس والرقبة صعبًا ومؤلمًا، مما يحد من مرونة الحركة في تلك المنطقة.
طرق الوقاية من الانزلاق الغضروفي العنقي
للوقاية من هذه المشكلة، يُنصح باتباع بعض العادات الصحية، لا سيما في ظل الانتشار الواسع للتكنولوجيا في حياتنا اليومية. ومن بين هذه العادات:
- الحرص على وضعية الجسم الصحيحة: يجب تجنب انحناء الرقبة بشكل كبير عند استخدام الهاتف، ويفضل رفع الهاتف لمستوى العينين بدلًا من خفض الرأس للأسفل.
- استخدام الأجهزة اللوحية بتوازن: عند استخدام الأجهزة اللوحية أو الهواتف، من الأفضل تثبيتها على سطح مستوٍ بدلًا من حملها بيد واحدة لفترات طويلة.
- أخذ فترات راحة متكررة: ينصح بعدم الاستمرار في استخدام الهاتف لفترات طويلة، وأخذ فترات راحة دورية لتقليل الضغط على الرقبة.
- القيام بتمارين تقوية الرقبة: يمكن أن تساعد التمارين البسيطة في تقوية عضلات الرقبة وزيادة مرونتها، مما يحافظ على استقامة فقرات العنق ويقلل من الضغط عليها.
العلاج والتدخل الطبي
في الحالات التي يعاني فيها الفرد من آلام مستمرة، يجب استشارة الطبيب للحصول على تشخيص دقيق. قد يبدأ العلاج بالطرق التحفظية مثل:
- العلاج الطبيعي: يمكن أن تساعد تمارين العلاج الطبيعي في تخفيف الألم وتقوية العضلات الداعمة للرقبة.
- الأدوية المضادة للالتهاب: تُستخدم لتقليل الألم والتورم في منطقة الإصابة.
- الجراحة: في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاج التقليدي، قد يلجأ الطبيب إلى الجراحة كحل أخير لإزالة الضغط عن العصب المصاب.
في ظل الاستخدام المتزايد للهواتف الذكية، يصبح من الضروري أن ندرك أهمية الحفاظ على صحة العمود الفقري، خاصةً مع انتشار مشاكل الانزلاق الغضروفي العنقي. باتباع وضعيات صحية وعادات سليمة، يمكننا تجنب هذه المشكلات والحفاظ على صحة الرقبة والجسم بشكل عام.